كتاب جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة (اسم الجزء: 2)

النية، فلا تنتظرن أحدًا، واكمش1 في أمرك" قال: "فإنك واللهِ لَنِعِمَّا رأيت" فقام سليمان بن صرد في الناس متوكئًا على قوس له عربية، فقال:
__________
1 أسرع، كمش ككرم كماشة فهو كمش "كشهم" وكميش، أي سريع.
خطبة أخرى لسليمان بن صرد
...
55- خطبة سليمان بن صرد:
"أيها الناس: من كان إنما أخرجته إرادة وجه الله وثواب الآخرة، فذلك منا ونحن منه، فرحمة الله عليه حيًّا وميتًا. ومن كان إنما يريد الدنيا وحرثها1، فواللهِ ما نأتي فيئًا نستفِيئُه، ولا غنيمةً نغنَمُها، ما خلا رضوانَ اللهِ ربِّ العالمين، وما معنا من ذهبٍ ولا فضةٍ، ولا خزٍّ ولا حريرٍ، وما هو إلا سيوفنا في عواتقنا، ورماحنا في أكفنا، وزادٌ قدر البُلغَة2 إلى لقاء عَدُوِّنا، فمن كان غيرَ هذا ينوي فلا يصحَبْنا".
__________
1 أي كسبها ومتاعها.
2 ما يتبلغ به.
56- خطبة صخير بن حذيفة بن هلال:
فقام صخير بن حذيفة بن هلال بن مالك المزني فقال:
"آتاك الله رشدَك، ولقَّاكَ حجتَكَ، واللهِ الذي لا إله غيرُهُ ما لنا خيرٌ في صحبةِ مَنِ الدُّنيا هِمَّتُهُ وَنِيَّتُهُ. أيها الناس: إنما أخرجتنا التوبةُ من ذنبِنا والطلبُ بدمِ ابنِ ابنةِ نبيِّنا صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ليس معنا دينارٌ ولا درهمٌ، إنما نَقْدَمُ على حدِّ السيوفِ وأطرافِ الرماحِ".
فتنادى الناس من كل جانب: "إنا لا نطلب الدنيا وليس لها خرجنا".
57- ما أشار به عبد الله بن سعد:
وكان الرأي بادئ الأمر أن يسيروا إلى عبيد الله بن زياد، فقال له عبد الله بن سعد، وعنده رءوس أصحابه جلوسٌ حوله:

الصفحة 68