كتاب جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة (اسم الجزء: 2)

"أما بعد: فإن المهدي بن الوصي، محمد بن علي، بعثني إليكم أمينًا ووزيرًا، ومنتجبًا وأميرًا، وأمرني بقتال الملحدين والطلب بدماء أهل بيته، والدفع عن الضعفاء".
وأقبل يبعث إلى الشيعة، فيقول لهم: "إني قد جئتكم من قبل ولي الأمر، ومعدن الفضل، ووصيّ الوصيّ، والإمام المهدي، بأمر فيه الشفاء، وكشف الغطاء، وقتل الأعداء، وتمام النعماء إن سليمان بن صرد يرحمنا الله وإياه، إنما هو عَشَمة1 من العَشَم وحِفْشٌ2 بالٍ، ليس بذي تجربة للأمور، ولا له علم بالحروب، إنما يريد أن يخرجكم فيقتلَ نفسَهُ ويقتُلَكُم، إني إنما أعمل على مِثَالٍ قد مُثِّلَ لي، وأمر قد بُيِّنَ لي، فيه عِزُّ وَلِيُّكم، وَقَتْلُ عَدُوِّكُم، وشفاءُ صدوركم، فاسمعوا مني قولي، وأطيعوا أمري، ثم أبشروا وتباشروا، فإني لكم بكل ما تأملون خيرُ زعيمٍ".
فما زال بهذا القول ونحوه، حتى استمال طائفة من الشيعة، وَعُظْمُهُم يومئذ مع سليمان بن صرد، فلما خرج ابن صرد نحو الجزيرة، خاف عبد الله بن يزيد الأنصاري -أمير الكوفة من قبل ابن الزبير- أن يثب المختارُ عليه، فزجه في السجن.
"تاريخ الطبري 7: 64".
__________
1 العشمة: الشيخ الفاني للذكر والأنثى أو المتقارب الخطو المنحني الظهر، وكان عمر بن صرد حين قتل 93 سنة.
2 الحفش: الشيء البالي، والجوالق العظيم البالي، وما كان من أسقاط الآنية كالقوارير وغيرها، وأحفاش البيت: رذال متاعه.
65- ما كان يردده على زائريه في سجنه:
وكان يردد على زائريه في سجنه هذا القول:
"أما وَرَبِّ البحار، والنخيل والأشجار، والمَهَامَهِ1 والقِفار، والملائكةِ الأبرار،
__________
1 المهامه: جمع مهمه كجعفر، وهو البلد المقفر، والمفازة البعيدة.

الصفحة 75