كتاب جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة (اسم الجزء: 2)

تعبئته الجيوش لقتال معاوية
مدخل
...
تعبئة الجيوش لقتال معاوية:
سار معاوية بجيوشه قاصدًا إلى العراق، وبلغ الحسن خبره، ومسيره نحوه، فأمر بالتهيؤ للمسير، ونادى المنادي: الصلاة جامعة، فأقبل الناس يثوبون ويجتمعون، فخرج الحسن، وصعد المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال:
2- خطبة الحسن بن علي في الحث على الجهاد:
"أما بعد: فإن الله كتب الجهاد على خلقه، وسماه كرهًا1، ثم قال لأهل الجهاد من المؤمنين: {وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} فلستم أيها الناس نائلين ما تحبون إلا بالصبر على ما تكرهون. بلغني أن معاوية بلغه أنا كنا أزمعنا على المسير إليه، فتحرك لذلك، اخرجوا رحمكم الله إلى معسكركم بالنُّخَيْلَة، حتى ننظر وتنظروا، ونرى وتَرَوْا" – وإنه في كلامه ليتخوف خذلان الناس له- فسكتوا، فما تكلم منهم أحد، ولا أجابه بحرف، فلما رأى ذلك عدي بن حاتم، قام فقال:
__________
1 يشير إلى قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} .
3- مقال عدي بن حاتم:
"أنا ابن حاتم، سبحان الله! ما أقبح هذا المقام! لا تجيبون إمامكم، وابن بنت نبيكم! أين خطباء مُضَرَ الذين ألسنتهم كالمخاريق في الدَّعة1، فإذا جَدَّ الجِدُّ
__________
1 جمع مخراق بالكسر: السيف "وهو أيضًا المنديل يلف ليضرب به" وفي الدعة: أي وقت الدعة: أي الخفض والسلم.

الصفحة 9