كتاب جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة (اسم الجزء: 2)
عن أجسادهم، والأبدان يومئذ بالية: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} .
فعاد ابن الزبير إلى خطبته وقال: "عذرت بني الفواطم يتكلمون، فما بال بني الحنفية؟ " فقال محمد: "يابن أم رومان1، ومالي لا أتكلم؟ أليست فاطمة بنت محمد حليلة2 أبي وأم إخوتي؟ أو ليست فاطمة3 بنت أسد بن هاشم جدتي؟ أو ليست فاطمة4 بنت عمرو بن عائذ جدة أبي؟ أما والله لولا خديجة بنت خويلد5 ما تركت في بني أسد عظمًا إلا هشمته، وإن نالتني فيه المصائب صبرت".
"مروج الذهب 2: 102".
__________
1 أم رومان بنت عامر هي زوج أبي بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وأم السيدة عائشة.
2 زوجته.
3 هي فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف أم الإمام علي كرم الله وجهه، وقد أسلمت بعد عشر من المسلمين فكانت الحادي عشر، وهي أول امرأة بايعت رسولَ اللهِ صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من النساء.
4 هي فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم أم أبي طالب، وهي أم عبد الله والد سيدنا محمد صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
5 هي زوج النبي صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعمة الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد.
83- عبد الله بن عباس ومعاوية:
ودخل عبد الله بن عباس على معاوية وعنده وجوه قريش، فلما سلم وجلس، قال له معاوية: "إني أريد أن أسألك عن مسائل" قال: "سل عما بدا لك" قال: "ما تقول في أبي بكر؟ " قال: "رحم الله أبا بكر، كان والله للقرآن تاليًا، وعن المنكر ناهيًا، وبذنبه عارفًا، ومن الله خائفًا، وعن الشبهات زاجرًا، وبالمعروف آمرًا، وبالليل قائمًا، وبالنهار صائمًا، فاق أصحابه ورعًا وكفافًا1، وسادهم زهدًا وعفافًا، فغضب الله على من أبغضه وطعن عليه" قال معاوية: إيهًا2 يابن عباس، فما تقول في عمر بن الخطاب؟ " قال: "رحم الله أبا حفص عمر، كان والله حليف الإسلام،
__________
1 أي رضًا بالكفاف، والكفاف من الرزق: ما كف عن الناس وأغنى.
2 أمر بالسكوت أي حسبك.