رجل عليه، فلما بصر بالأعمش وعليه فروة حقيرة قال: قم فعبرني هذا الخليج، وجذب يده وأقامه وركبه وقال: (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين) . فمضى به الأعمش حتى توسط به الخليج فرمى به وقال: (رب أنزلني منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين) . ثم خرج وترك الأسود يخبط في الماء.
وكان الأعمش إذا رأى ثقيلاً قال: كم غرضك تقيم في هذه البلدة] (1) .
وكان لطيف الخلق مزاحاً، جاءه أصحاب الحديث يوماً ليسمعوا عليه، فخرج إليهم، وقال: لولا أن في منزلي من هو أبغض إلي منكم ما خرجت إليكم (2) .
وقال له داود بن عمر الحائك: ما تقول في الصلاة خلف الحائك فقال: لا بأس بها على غير وضوء، فقال: ما تقول في شهادة الحائك فقال: تقبل مع عدلين. ويقال إن الإمام أبا حنيفة رضي الله عنه عاده يوماً في مرضه، فطول القعود عنده، فلما عزم على القيام قال له: ما كأني إلا ثقلت عليك، فقال: والله إنك لتثقل علي وأنت في بيتك. وعادة أيضاً جماعة فأطالوا الجلوس عنده فضجر منهم، فأخذ وسادته وقام وقال: شفى الله مريضكم بالعافية؛ وقيل عنده يوماً: قال صلى الله عليه وسلم: " من نام عن قيام الليل بال الشيطان في أذنه " فقال: ما عمشت عيني إلا من بول الشيطان في أذني. وكانت له نوادر كثيرة.
[وقال (3) أبو معاوية الضرير: بعث هشام بن عبد الملك إلى الأعمش أن اكتب لي مناقب عثمان ومساوئ علين فأخذ الأعمش القرطاس وأدخلها في فم شاة فلاكتها، وقال لرسوله: قل له هذا جوابك، فقال له الرسول: إنه قد آلى أن يقتلني إن لم آته بجوابك، وتحمل عليه بإخوانه (4) ، فقالوا له: يا أبا محمد
__________
(1) زيادة من ر د.
(2) بعد هذا الموضع ترد حكاية الأعمش وزوجه موجزة، وقد وردت من قبل في المزيد من ر د.
(3) هذه الفقرة بين معقفين لم ترد في م والمسودة.
(4) ص: بأصحابه.