كتاب الرياض النضرة في مناقب العشرة (اسم الجزء: 3-4)

وعن عبد الرحمن بن عوف قال: شهدت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد جاءه عثمان بن عفان في جيش العسرة بسبعمائة أوقية من ذهب، خرجه الحافظ السلفي. وهذا الاختلاف في الروايات قد يوهم التضاد بينها، والجمع ممكن بأن يكون عثمان دفع ثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها على ما تضمنه الحديث الأول، ثم جاء بألف دينار لأجل المؤن التي لا بد للمسافر منها، ثم لما اطلع على أن ذلك لا يكفي زاد في الإبل وأردف بالخيل تتميمًا للألف، ثم لما لم يكتف بذلك تمم الألف أبعرة وزاد عشرين فرسًا على تلك الخمسين، وبعث بعشرة آلاف دينار للمؤن، كما دل عليه حديث الرازي والفضائلي من غير أن يكون بينها تضاد ولا تهافت؛ ومما يؤيد ذلك ما روت أم عمرو بنت حسان بن يزيد بن أبي الغض -قال أحمد بن حنبل: وكانت عجوز صدق- قالت: سمعت أبي يقول: إن عثمان جهز لجيش العسرة مرتين. خرجه القزويني الحاكمي.
ذكر اختصاصه بتسبيل بئر رومة:
عن بشر بن بشير الأسلمي عن أبيه قال: لما قدم المهاجرون المدينة استنكروا الماء، وكان لرجل من بني غفار عين يقال لها: رومة، وكان يبيع منها القربة بمد، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "تبيعها بعين في الجنة?" فقال: يا رسول الله ليس لي ولا لعيالي عين غيرها، لا أستطيع ذلك. قال: فبلغ ذلك عثمان فاشتراها بخمسة وثلاثين ألف درهم، ثم أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: اجعل لي مثل الذي جعلت له عينًا في الجنة قال: "نعم" قال: قد اشتريتها وجعلتها للمسلمين. خرجه الفضائلي، وفيه دلالة على أن صاحبها كان مسلمًا.
وقد ذكر أبو عمر أنها كانت ليهودي فساومه عثمان فأبى أن يبيعها كلها, فاشترى منه نصفها باثني عشر ألف درهم فجعله للمسلمين، واتفق على أن يكون لليهودي يوم ولعثمان يوم. قال: فكان إذا كان يوم عثمان

الصفحة 18