كتاب الرياض النضرة في مناقب العشرة (اسم الجزء: 3-4)

خرج قال له جلساؤه: والله ما أراك تدري ما أمر الرجل، قال: أجل وما أمره? قالوا: فإنه ممن يحمد عليا ويذم عثمان، فقال: علي بالرجل فأرسل إليه فأتاه فقال: يا عبد الله الصالح, إنك سألتني هل شهد عثمان البيعتين كلتيهما: بيعة الرضوان وبيعة الفتح فقلت: لا فكبرت وخرجت شامتًا, فلعلك ممن يحمد عليا ويذم عثمان? فقال: أجل والله إني لمنهم، قال: فاستمع مني ثم اردد علي: فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما بايع الناس تحت الشجرة كان بعث عثمان في سرية وكان في حاجة الله وحاجة رسوله وحاجة المؤمنين، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "ألا إن يميني يدي وشمالي يد عثمان, وإني قد بايعت له" ثم كان من شأن عثمان في البيعة الثانية أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث عثمان إلى علي فكان أمير اليمن فصنع به مثل ذلك، ثم كان من شأن عثمان أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لرجل من أهل مكة: "يا فلان, ألا تبيعني دارك أزيدها في مسجد الكعبة ببيت أضمنه لك في الجنة?" فقال الرجل: يا رسول الله ما لي بيت غيره فإن أنا بعتك داري لا يأويني وولدي بمكة شيء، فقال: "لا, بل -يعني- دارك أزيدها في مسجد الكعبة ببيت أضمنه لك في الجنة". فقال الرجل: والله ما لي إلى ذلك حاجة فبلغ ذلك عثمان -وكان الرجل صديقًا له في الجاهلية- فلم يزل به عثمان حتى اشترى منه داره بعشرة آلاف دينار, ثم أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله بلغني أنك أردت من فلان داره لتزيدها في مسجد الكعبة ببيت تضمنه له في الجنة, وإنما هي داري فهل أنت آخذها ببيت تضمنه لي في الجنة? قال: "نعم" فأخذها منه وضمن له بيتًا في الجنة وأشهد له على ذلك المؤمنين، ثم كان من جهازه جيش العسرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غزا غزوة تبوك فلم يلق في غزاة من غزواته ما لقيفيها من المخمصة والظمأ وقلة الظهر, فبلغ ذلك عثمان فاشترى قوتًا وطعامًا وأدمًا وما يصلح لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولأصحابه، فجهز إليه عيرا فنظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى سواد قد أقبل قال: "هذا قد جاءكم الله

الصفحة 22