كتاب حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب (اسم الجزء: 2)

وَفِي مُسْتَنَدِهِمْ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا تَوْقِيفٌ بَلَغَهُمْ فِيهِ وَالثَّانِي مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الشَّبَهِ وَهُوَ إلْفُ الْبُيُوتِ وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي فِي بَعْضِ أَنْوَاعِ الْحَمَامِ إذْ لَا يَتَأَتَّى فِي الْفَوَاخِتِ وَنَحْوِهَا، وَيُتَصَدَّقُ بِالطَّعَامِ عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ وَفُقَرَائِهِ كَمَا مَرَّ (أَوْ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ) مِنْ الطَّعَامِ (يَوْمًا) فِي أَيْ مَوْضِعٍ كَانَ قِيَاسًا عَلَى الْمِثْلِيِّ. تَنْبِيهٌ: تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْمِثْلِيِّ وَالطَّعَامِ فِي الزَّمَانِ بِحَالَةِ الْإِخْرَاجِ عَلَى الْأَصَحِّ وَفِي الْمَكَانِ بِجَمِيعِ الْحَرَمِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الذَّبْحِ لَا بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَغَيْرُ الْمِثْلِيِّ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ فِي الزَّمَانِ بِحَالَةِ الْإِتْلَافِ لَا الْإِخْرَاجِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَفِي الْمَكَانِ بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ لَا بِالْحَرَمِ عَلَى الْمَذْهَبِ.

(وَالْخَامِسُ الدَّمُ الْوَاجِبُ بِالْوَطْءِ) الْمُفْسِدِ (وَهُوَ) أَيْ الدَّمُ الْمَذْكُورُ (عَلَى التَّرْتِيبِ) وَالتَّعْدِيلِ عَلَى الْمَذْهَبِ فَيَجِبُ بِهِ (بَدَنَةٌ) عَلَى الرَّجُلِ بِصِفَةِ الْأُضْحِيَّةِ لِقَضَاءِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - بِذَلِكَ، وَخَرَجَ بِالْوَطْءِ الْمُفْسِدِ مَسْأَلَتَانِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQإلْفٌ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ مَصْدَرُ أَلِف كَعَلِمَ بِمَعْنَى أَنِسَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ، وَفِي حَاشِيَةِ الَأُجْهُورِيُّ: بِالضَّمِّ نَقْلًا عَنْ خَطِّ الشَّارِحِ، قَالَ م د: وَالْقِيَاسُ الْكَسْرُ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَمَامَ الَّذِي يَأْلَفُ الْبُيُوتَ أَصْلُهُ وَحْشِيٌّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجِبُ فِي قَتْلِهِ شَاةٌ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ إذَا كَانَ لَهُ حَمَامٌ فِي بُرْجٍ أَوْ غَيْرِهِ وَأَحْرَمَ: زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ. وَفِي الْمَدَابِغِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ: قَوْلُهُ " وَاصْطِيَادٌ " يَشْمَلُ الرَّجُلَ وَغَيْرَهُ، وَلَوْ أَحْرَمَ وَفِي مِلْكِهِ شَيْءٌ مِنْهُ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ وَوَجَبَ إرْسَالُهُ وَلَوْ بَعْدَ التَّحَلُّلِ، وَمَنْ أَخَذَهُ مَلَكَهُ أَيْ مَنْ أَخَذَهُ يَمْلِكُهُ وَلَوْ قَبْلَ إرْسَالِهِ وَيَضْمَنُهُ هُوَ إنْ مَاتَ بِيَدِهِ؛ نَعَمْ يَتَّجِهُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا تَمَكَّنَ مِنْ إرْسَالِهِ وَلَمْ يُرْسِلْهُ، م ر اهـ.
قَوْلُهُ: (قِيمَةُ الْمِثْلِيِّ) عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ مِثْلُ الْمِثْلِيِّ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ قِيمَةَ الطَّعَامِ وَالْمِثْلِيِّ مُعْتَبَرَةٌ بِقِيمَةِ الْحَرَمِ يَوْمَ الْإِخْرَاجِ، وَأَنَّ قِيمَةَ مَا لَا مِثْلَ لَهُ كَالْجَرَادِ مُعْتَبَرَةٌ بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ زَمَانًا وَمَكَانًا ق ل. وَقَوْلُهُ: " يَوْمَ الْإِخْرَاجِ " كَمَا لَوْ أَتْلَفَ نَعَامَةً فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ مَثَلًا فَأَخْرَجَ فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ، فَالْعِبْرَةُ فِي قِيمَةِ الْمَذْبُوحِ وَالطَّعَامِ بِيَوْمِ الِاثْنَيْنِ فِي الْحَرَمِ لَا بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي مَحَلِّ الْإِتْلَافِ. وَأَمَّا مَا لَا مِثْلَ لَهُ فَحُكْمُهُ عَكْسُ مَالَهُ مِثْلٌ اهـ م د.
قَوْلُهُ: (وَالطَّعَامُ فِي الزَّمَانِ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى اعْتِبَارِ قِيمَةِ الطَّعَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ قِيمَتُهُ فَيُشْتَرَى بِهَا شَيْءٌ آخَرَ وَإِنَّمَا يُقَدَّرُ أَمْدَادًا وَيَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا، فَلَا مَعْنَى لِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِ زَمَانًا وَمَكَانًا، فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرُ الْمِثْلِيِّ) هُوَ بِالْيَاءِ هُنَا لِأَنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ يُقَوَّمُ. وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ الصَّيْدَ إنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ مِثْلِهِ يَوْمَ الْإِخْرَاجِ بِسِعْرِ الطَّعَامِ فِي الْحَرَمِ لَا بِوَقْتِ الْوُجُوبِ وَلَا بِمَكَانِ الْإِتْلَافِ، وَقِيمَةُ غَيْرِ الْمِثْلِيِّ تُعْتَبَرُ بِوَقْتِ الْوُجُوبِ لَا بِوَقْتِ الْإِخْرَاجِ، وَتُعْتَبَرُ بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ لَا بِالْحَرَمِ؛ مِثَالُ ذَلِكَ إذَا أَتْلَفَ نَعَامَةً مَثَلًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الْحِلِّ وَأَرَادَ الْإِخْرَاجَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فَفِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ بِسِعْرِ مَكَّةَ لَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ، وَفِي الْقِسْمِ الثَّانِي لَوْ كَانَ الْمُتْلَفُ جَرَادَةً يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ لَا بِالْحَرَمِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَأَمَّا قِيمَةُ الْبَدَنَةِ فِي الْوَطْءِ فَتُعْتَبَرُ يَوْمَ الْوُجُوبِ بِسِعْرِ مَكَّةَ؛ وَأَمَّا قِيمَةُ الدَّمِ فِي جَزَاءِ الشَّجَرِ فَتُعْتَبَرُ وَقْتَ الْوُجُوبِ بِمَحَلِّ الْإِتْلَافِ، وَكَذَا دَمُ الْإِحْصَارِ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْوُجُوبِ بِمَحِلِّ الْإِحْصَارِ.

قَوْلُهُ: (عَلَى الْمَذْهَبِ) اُنْظُرْ مُقَابِلَهُ. قَوْلُهُ: (بَدَنَةٌ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِعِظَمِ بَدَنِهَا، وَتُجْمَعُ عَلَى بَدَنَاتٍ مِثْلُ قَصَبَةٍ وَقَصَبَاتٍ، وَعَلَى بُدْنٍ أَيْضًا بِضَمَّتَيْنِ أَوْ إسْكَانِ الدَّالِ؛ قَالَ تَعَالَى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ} [الحج: 36] مِصْبَاحٌ.
قَوْلُهُ: (وَخَرَجَ بِالْوَطْءِ الْمُفْسِدِ) الْإِخْرَاجُ إنَّمَا هُوَ بِالْمُفْسِدِ.
قَوْلُهُ: (إنَّمَا تَلْزَمُهُ شَاةٌ) وَتَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الْوَطْءِ. وَقَوْلُهُ " شَاةٌ " أَيْ لَا بَدَنَةٌ، فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الشَّاةِ وَبَيْنَ صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَالتَّصَدُّقُ بِثَلَاثَةِ آصُعَ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ؛ لِأَنَّ هَذَا الدَّمَ هُوَ الرَّابِعُ فِي نَظْمِ ابْنِ الْمُقْرِي.

الصفحة 474