كتاب حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب (اسم الجزء: 2)

الْأُولَى أَنْ يُجَامِعَ فِي الْحَجِّ بَيْنَ التَّحَلُّلَيْنِ، الثَّانِيَةُ أَنْ يُجَامِعَ ثَانِيًا بَعْدَ جِمَاعِهِ الْأَوَّلِ قَبْلَ التَّحَلُّلَيْنِ، وَفِي الصُّورَتَيْنِ إنَّمَا تَلْزَمُهُ شَاةٌ، وَبِالرَّجُلِ الْمَرْأَةُ وَإِنْ شَمِلَتْهَا عِبَارَتُهُ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهَا عَلَى الصَّحِيحِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْوَاطِئُ زَوْجًا أَمْ غَيْرَهُ مُحْرِمًا أَمْ حَلَالًا. تَنْبِيهٌ: حَيْثُ أُطْلِقَتْ الْبَدَنَةُ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ الْمُرَادُ بِهَا الْبَعِيرُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى.
(فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) أَيْ الْبَدَنَةَ (فَبَقَرَةٌ) تُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) أَيْ الْبَقَرَةَ (فَسَبْعٌ مِنْ الْغَنَمِ) مِنْ الضَّأْنِ أَوْ الْمَعْزِ أَوْ مِنْهُمَا (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) أَيْ الْغَنَمَ (قَوَّمَ الْبَدَنَةَ بِدَرَاهِمَ) بِسِعْرِ مَكَّةَ حَالَةَ الْوُجُوبِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ. وَلَيْسَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ (وَاشْتَرَى بِقِيمَتِهَا) أَيْ بِقَدْرِهَا (طَعَامًا) أَوْ أَخْرَجَهُ مِمَّا عِنْدَهُ (وَتَصَدَّقَ بِهِ) فِي الْحَرَمِ عَلَى مَسَاكِينِهِ وَفُقَرَائِهِ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) طَعَامًا (صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا) فِي أَيِّ مَكَان كَانَ وَيُكْمِلُ الْمُنْكَسِرَ. تَنْبِيهٌ: الْمُرَادُ بِالطَّعَامِ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يُجْزِئُ عَنْ الْفِطْرَةِ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ الطَّعَامِ وَعَجَزَ عَنْ الْبَاقِي أَخْرَجَ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَصَامَ عَمَّا عَجَزَ عَنْهُ، وَقَدْ عَرَفْت مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ثَمَانِيَةُ أَنْوَاعٍ. وَأَمَّا النَّوْعُ التَّاسِعُ الْمَوْعُودُ بِذِكْرِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ فَهُوَ دَمُ الْقِرَانِ وَهُوَ كَدَمِ التَّمَتُّعِ فِي التَّرْتِيبِ وَالتَّقْدِيرِ وَسَائِرِ أَحْكَامِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَدْخُلْ هَذَا النَّوْعُ فِي تَعْبِيرِهِ بِتَرْكِ النُّسُكِ لِأَنَّهُ دَمُ جَبْرٍ لَا دَمُ نُسُكٍ عَلَى الْمَذْهَبِ فِي الرَّوْضَةِ وَسَيَأْتِي جَمِيعُ الدِّمَاءِ فِي خَاتِمَةِ آخِرِ الْبَابِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(وَلَا يُجْزِئُهُ الْهَدْيُ وَلَا الْإِطْعَامُ إلَّا بِالْحَرَمِ) مَعَ التَّفْرِقَةِ عَلَى مَسَاكِينِهِ وَفُقَرَائِهِ بِالنِّيَّةِ عِنْدَهَا، وَلَا يُجْزِئُهُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ مِنْ الْفُقَرَاءِ أَوْ الْمَسَاكِينِ أَوْ مِنْهُمَا وَلَوْ غُرَبَاءَ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْهُ وَلَا نَقْلُهُ إلَى غَيْرِ الْحَرَمِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ فِيهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: (وَبِالرَّجُلِ الْمَرْأَةُ) وَكَذَا لَا يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ الْمَوْطُوءِ. وَلَوْ قُيِّدَ الرَّجُلُ فِيمَا تَقَدَّمَ بِالْوَاطِئِ لَخَرَجَ الرَّجُلُ الْمَوْطُوءُ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (عَلَى الصَّحِيحِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّ عَلَى كُلِّ بَدَنَةٍ كَمَا فِي الْإِفْطَارِ بِالْجِمَاعِ فِي رَمَضَانَ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ.
قَوْلُهُ: (حَالَةَ الْوُجُوبِ) أَيْ وَهُوَ وَقْتُ الْوَطْءِ، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ غَالِبَ الْأَحْوَالِ مِنْ وَقْتِ الْوُجُوبِ، وَهُوَ وَقْتُ الْوَطْءِ إلَى وَقْتِ الْإِخْرَاجِ.
قَوْلُهُ: (فِي الشَّرْحَيْنِ) أَيْ شَرْحَيْ الرَّافِعِيِّ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ عَلَى الْوَجِيزِ.
قَوْلُهُ: (وَيُكْمِلُ الْمُنْكَسِرَ) فَإِنْ بَقِيَ دُونَ مُدٍّ صَامَ عَنْهُ يَوْمًا. قَوْلُهُ: (فَهُوَ دَمُ الْقِرَانِ) فَإِنْ قِيلَ: الْقِرَانُ تَرْكُ الْإِفْرَادِ وَالْإِفْرَادُ سُنَّةٌ وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ تَرَكَ سُنَّةً لَمْ يَلْزَمْهُ بِتَرْكِهَا شَيْءٌ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الْوُجُوبِ فِي السُّنَّةِ الدَّاخِلَةِ فِي النُّسُكِ وَالْإِفْرَادُ لَيْسَ كَذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (وَسَائِرِ أَحْكَامِهِ) كَصَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ فِي الْبَلَدِ إذَا انْتَقَلَ لِلصَّوْمِ، وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا إذَا أَقَامَ بِمَكَّةَ أَوْ أَخَّرَ الثَّلَاثَةَ لِبَلَدِهِ كَمَا مَرَّ وَأَنَّهُ يُسَنُّ التَّتَابُعُ فِي الثَّلَاثَةِ وَالسَّبْعَةِ أَدَاءً وَقَضَاءً إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: (دَمُ جَبْرٍ لَا دَمُ نُسُكٍ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ جَبْرَ تَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ فَهُوَ دَمُ نُسُكٍ وَإِنْ أَرَادَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلْيُبَيِّنْهُ. وَلَعَلَّ الْمُرَادَ جَبْرُ الْخَلَلِ الْحَاصِلِ فِي نُسُكِهِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ أَدَّى النُّسُكَيْنِ بِعَمَلٍ وَاحِدٍ مَعَ أَنَّهُ كَانَ حَقُّهُ أَنْ يُفْرِدَ كُلَّ نُسُكٍ بِعَمَلٍ فَيَحْتَاجُ لِجَبْرِ ذَلِكَ بِدَمٍ، فَالْمُرَادُ جَبْرُ الْخَلَلِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ كَانَ يَلْزَمُ مِنْهُ جَبْرُ تَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ إلَّا أَنَّهُ حَاصِلٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ.
قَوْلُهُ: (الْهَدْيُ) بِسُكُونِ الدَّالِ مَعَ تَخْفِيفِ الْيَاءِ وَبِكَسْرِ الدَّالِ مَعَ تَشْدِيدِ الْيَاءِ، قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: وَالْأَصْلُ التَّشْدِيدُ: مَا يُهْدَى إلَى الْحَرَمِ مِنْ حَيَوَانٍ وَغَيْرِهِ، وَالْمُرَادُ هُنَا مَا يُهْدَى إلَيْهِ مِنْ النَّعَمِ، وَيُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ اهـ خ ض. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْهَدْيَ يُطْلَقُ عَلَى مَا يَسُوقُهُ الْحَاجُّ لِلْكَعْبَةِ تَطَوُّعًا أَوْ وُجُوبًا بِالنَّذْرِ، وَيُطْلَقُ عَلَى مَا يَلْزَمُهُ مِنْ دَمِ الْجُبْرَانَاتِ، وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَعَمُّ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ الْأَوَّلَ.
قَوْلُهُ: (مَعَ التَّفْرِقَةِ) الْأَوْلَى مَعَ الصَّرْفِ إذْ لَا يَلْزَمُهُ تَقْطِيعُهُ وَتَفْرِقَةُ لَحْمِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ غُرَبَاءَ) لَكِنْ الْقَاطِنُونَ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (أَكْلُ شَيْءٍ مِنْهُ) أَيْ إذَا كَانَ وَاجِبًا، وَأَمَّا الْمُتَطَوَّعُ بِهِ فَيَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (لِذَبْحِ مُعْتَمِرٍ) أَيْ غَيْرَ قَارِنٍ بِأَنْ كَانَ مُفْرِدًا أَوْ مُرِيدَ تَمَتُّعٍ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

الصفحة 475