كتاب حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب (اسم الجزء: 2)

مِسْكِينًا وَلَا فَقِيرًا. تَنْبِيهٌ: أَفْضَلُ بُقْعَةٍ مِنْ الْحَرَمِ لِذَبْحِ مُعْتَمِرٍ الْمَرْوَةُ لِأَنَّهَا مَوْضِعُ تَحَلُّلِهِ، وَلِذَبْحِ الْحَاجِّ مِنًى لِأَنَّهَا مَوْضِعُ تَحَلُّلِهِ، وَكَذَا حُكْمُ مَا سَاقَهُ الْحَاجُّ وَالْمُعْتَمِرُ مِنْ هَدْيِ نَذْرٍ أَوْ نَفْلٍ مَكَانًا فِي الِاخْتِصَاصِ وَالْأَفْضَلِيَّةِ. وَوَقْتُ ذَبْحِ هَذَا الْهَدْيِ وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَالْهَدْيُ كَمَا يُطْلَقُ عَلَى مَا يَسُوقُهُ الْمُحْرِمُ يُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى مَا يَلْزَمُهُ مِنْ دَمِ الْجُبْرَانَاتِ، وَهَذَا الثَّانِي لَا يَخْتَصُّ بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ.
(وَيُجْزِئُهُ أَنْ يَصُومَ) مَا وَجَبَ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّخْيِيرِ أَوْ الْعَجْزِ (حَيْثُ شَاءَ) مِنْ حِلٍّ أَوْ حَرَمٍ كَمَا مَرَّ إذْ لَا مَنْفَعَةَ لِأَهْلِ الْحَرَمِ فِي صِيَامِهِ، وَيَجِبُ فِيهِ تَبْيِيتُ النِّيَّةِ وَكَذَا تَعْيِينُ جِهَتِهِ مِنْ تَمَتُّعٍ أَوْ قِرَانٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الْقَمُولِيُّ.

(وَلَا يَجُوزُ) لِمُحْرِمٍ وَلَا لِحَلَالٍ (قَتْلُ صَيْدِ الْحَرَمِ) أَمَّا حَرَمُ مَكَّةَ فَبِالْإِجْمَاعِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ. وَلَوْ كَانَ كَافِرًا مُلْتَزِمَ الْأَحْكَامِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: (الْمَرْوَةُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ الصَّفَا، لِأَنَّهَا مَقْصِدٌ وَالصَّفَا وَسِيلَةٌ وَالْمَقَاصِدُ أَفْضَلُ مِنْ الْوَسَائِلِ، وَلِأَنَّهَا مُرُورُ الْحَاجِّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَالصَّفَا مُرُورُهُ ثَلَاثًا، أَيْ يَرْجِعُ إلَيْهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ خ ض.
قَوْلُهُ: (وَلِذَبْحِ الْحَاجِّ) بِأَنْ كَانَ مُرِيدَ إفْرَادٍ أَوْ قَارِنًا أَوْ مُتَمَتِّعًا، شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا مَوْضِعُ تَحَلُّلِهِ) أَيْ الْأَوَّلِ.
قَوْلُهُ: (فِي الِاخْتِصَاصِ) أَيْ بِالْحَرَمِ.
قَوْلُهُ: (وَالْأَفْضَلِيَّةُ) أَيْ الْمَرْوَةُ لِلْمُعْتَمِرِ غَيْرِ الْقَارِنِ، وَمِنًى لِلْحَاجِّ، وَهِيَ عَلَى فَرْسَخٍ مِنْ مَكَّةَ بِالصَّرْفِ وَعَدَمِهِ وَالتَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ، لِكَوْنِهَا مَكَانًا أَوْ بُقْعَةً؛ وَتَخْفِيفُ نُونِهَا أَشْهُرُ مِنْ تَشْدِيدِهَا. سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ مَا يُمْنَى فِيهَا مِنْ الدِّمَاءِ، أَيْ دِمَاءِ الْهَدْيِ وَالضَّحَايَا، أَيْ يُرَاقُ؛ أَوْ لِأَنَّ آدَمَ لَمَا أَرَادَ مُفَارَقَةَ جِبْرِيلَ قَالَ لَهُ: تَمَنَّ قَالَ: أَتَمَنَّى الْجَنَّةَ. أَوْ لِتَقْدِيرِ الشَّعَائِرِ فِيهَا، مِنْ مَنَّى اللَّهُ الشَّيْءَ أَيْ قَدَّرَهُ، وَامْتَنُّوا أَيْ أَتَوْا مِنًى اهـ خ ض.
قَوْلُهُ: (هَذَا الْهَدْيُ) أَيْ الْمَنْذُورُ وَالنَّفَلُ. قَوْلُهُ: (وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ) مَا لَمْ يُعَيِّنْ غَيْرَهُ، فَإِنْ أَخَّرَ ذَبْحَهُ عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَإِنْ كَانَ وَاجِبًا ذَبَحَهُ قَضَاءً وَإِلَّا فَقَدْ فَاتَ، فَإِنْ ذَبَحَهُ كَانَتْ شَاةَ لَحْمٍ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْوَاجِبَ يَجِبُ صَرْفُهُ إلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي وُقُوعِ النَّفْلِ مَوْقِعَهُ مِنْ صَرْفِهِ إلَيْهِمْ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَقَوْلُهُ " مَا لَمْ يُعَيِّنْ غَيْرَهُ " فَإِنْ عَيَّنَ غَيْرَهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ وَقْتٌ بِخُصُوصِهِ لَا وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ وَلَا مَا عَيَّنَهُ.
قَوْلُهُ: (وَهَذَا الثَّانِي لَا يَخْتَصُّ بِوَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ) وَكَذَا إذَا عَيَّنَ لِهَدْيِ التَّقَرُّبِ غَيْرِ وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (عِنْدَ التَّخَيُّرِ) أَيْ إذَا كَانَ مُخَيَّرًا، وَقَوْلُهُ " أَوْ الْعَجْزِ " أَيْ إذَا كَانَ مُرَتَّبًا. قَوْلُهُ: (إذْ لَا مَنْفَعَةَ لِأَهْلِ الْحَرَمِ) لَكِنَّهُ فِي الْحَرَمِ أَوْلَى لِشَرَفِهِ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (وَكَذَا تَعْيِينُ جِهَتِهِ) ضَعِيفٌ. اهـ. ق ل.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ قَتْلُ إلَخْ) هَذَا تَقَدَّمَ، وَإِنَّمَا أَعَادَهُ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ خَاصٌّ بِالْمُحْرِمِ وَمَا هُنَا عَامٌّ لَهُ وَلِلْحَلَالِ وَاهْتِمَامًا بِهِ، وَلَوْ قَالَ: وَلَا يَجُوزُ التَّعَرُّضُ، لَكَانَ أَوْلَى؛ لِيَشْمَلَ التَّعَرُّضَ لِجُزْئِهِ كَشَعْرِهِ وَبَيْضِهِ أَيْ غَيْرِ الْمَذَرِ وَلَوْ بِإِعَانَتِهِ غَيْرَهُ، أَمَّا الْمَذَرُ فَلَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ وَلَا يُضْمَنُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْضَ نَعَامٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ الْمَنْهَجِ. وَحُدُودُ الْحَرَمِ الْمَكِّيِّ الَّذِي يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِصَيْدِهِ وَنَبَاتِهِ لِلْآتِي مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ، وَمِنْ الْعِرَاقِ وَالطَّائِفِ سَبْعَةٌ بِتَقْدِيمِ السِّينِ، وَمِنْ الْجِعْرَانَةِ تِسْعٌ بِتَقْدِيمِ الْمُثَنَّاةِ، وَمِنْ جَدَّةَ عَشْرٌ سم. وَنَظَمَ بَعْضُهُمْ تِلْكَ الْحُدُودَ فَقَالَ:
وَلِلْحَرَمِ التَّحْدِيدُ مِنْ أَرْضِ طِيبَةَ ... ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ إذَا رُمْت إتْقَانَهْ
وَسَبْعَةُ أَمْيَالٍ عِرَاقٌ وَطَائِفٌ ... وَجُدَّةُ عَشْرٌ ثُمَّ تِسْعٌ جِعْرَانَهْ
وَمِنْ يَمَنٍ سَبْعٌ بِتَقْدِيمِ سِينِهِ ... وَقَدْ كَمَلَتْ فَاشْكُرْ لِرَبِّك إحْسَانَهْ
قِيلَ: إنَّ حِكْمَةَ تَحْدِيدِ الْحَرَمِ بِهَذِهِ الْأَمَاكِنِ أَنَّ إبْرَاهِيمَ لَمَّا نَزَلَ هُنَاكَ فَحَصَلَ لَهُ خَوْفٌ أَرْسَلَ اللَّهُ مَلَائِكَةً وَقَفَتْ عَلَى حَدِّ هَذِهِ الْأَمْكِنَةِ، وَقِيلَ: إنَّ غَنَمَ إسْمَاعِيلَ لَمَّا كَانَتْ تَرْعَى تَذْهَب إلَى هَذِهِ الْأَمْكِنَةِ، وَقِيلَ: إنَّ اللَّهَ عَلَّمَهَا لِإِبْرَاهِيمَ لَمَّا

الصفحة 476