كتاب حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب (اسم الجزء: 2)

شَاةٍ، وَحَاصِلُ الدِّمَاءِ تَرْجِعُ بِاعْتِبَارِ حُكْمِهَا إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَقْدِيرٍ دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَعْدِيلٍ دَمُ تَخْيِيرٍ وَتَقْدِيرٍ دَمُ تَخْيِيرٍ وَتَعْدِيلٍ. الْقِسْمُ الْأَوَّلُ يَشْتَمِلُ عَلَى دَمِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَالْفَوَاتِ وَالْمَنُوطِ بِتَرْكِ مَأْمُورٍ بِهِ وَهُوَ تَرْكُ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ وَالرَّمْيُ وَالْمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى وَطَوَافُ الْوَدَاعِ، فَهَذِهِ الدِّمَاءُ دِمَاءُ تَرْتِيبٍ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الذَّبْحُ وَلَا يُجْزِئُهُ الْعُدُولُ إلَى غَيْرِهِ إلَّا إذَا عَجَزَ عَنْهُ، وَتَقْدِيرٍ بِمَعْنًى أَنَّ الشَّرْعَ قَدَّرَ مَا يَعْدِلُ إلَيْهِ بِمَا لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ. وَالْقِسْمُ الثَّانِي يَشْتَمِلُ عَلَى دَمِ الْجِمَاعِ فَهُوَ دَمُ تَرْتِيبٍ وَتَعْدِيلٍ، بِمَعْنَى أَنَّ الشَّرْعَ أَمَرَ فِيهِ بِالتَّقْوِيمِ وَالْعُدُولِ إلَى غَيْرِهِ بِحَسَبِ الْقِيمَةِ فَتَجِبُ فِيهِ بَدَنَةٌ ثُمَّ بَقَرَةٌ ثُمَّ سَبْعُ شِيَاهٍ، فَإِنْ عَجَزَ قَوَّمَ الْبَدَنَةَ بِدَرَاهِمَ وَاشْتَرَى بِهَا طَعَامًا وَتَصَدَّقَ بِهِ، فَإِنْ عَجَزَ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا وَيُكْمِلُ الْمُنْكَسِرَ كَمَا مَرَّ، وَعَلَى دَمِ الْإِحْصَارِ فَعَلَيْهِ شَاةٌ ثُمَّ طَعَامٌ بِالتَّعْدِيلِ، فَإِنْ عَجَزَ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا. وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ يَشْتَمِلُ عَلَى دَمِ الْحَلْقِ وَالْقَلْمِ فَيَتَخَيَّرُ إذَا حَلَقَ ثَلَاثَ شَعَرَاتٍ أَوْ قَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَظْفَارٍ وِلَاءً بَيْنَ ذَبْحِ دَمٍ وَإِطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ وَصَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَعَلَى دَمِ الِاسْتِمْتَاعِ وَهُوَ التَّطَيُّبُ وَالدَّهْنُ بِفَتْحِ الدَّالِ لِلرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَبَعْضِ شَعْرِ الْوَجْهِ عَلَى خِلَافٍ تَقَدَّمَ وَاللُّبْسُ وَمُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ وَالِاسْتِمْنَاءُ وَالْجِمَاعُ غَيْرُ الْمُفْسِدِ. وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ يَشْتَمِلُ عَلَى دَمِ جَزَاءِ الصَّيْدِ وَالشَّجَرِ، فَجُمْلَةُ هَذِهِ الدِّمَاءِ عِشْرُونَ دَمًا وَكُلُّهَا لَا تَخْتَصُّ بِوَقْتٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQحَيْثُ هِيَ غَيْرُ مَا سَبَقَ هَدْيًا. قَوْلُهُ: (إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ) لِأَنَّ الدَّمَ إمَّا مُخَيَّرٌ أَوْ مُرَتَّبٌ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا فَإِمَّا مُعَدَّلٌ أَوْ مُقَدَّرٌ. وَلِابْنِ الْمُقْرِي:
أَرْبَعَةُ دِمَاءِ حَجٍّ تُحْصَرُ ... أَوَّلُهَا الْمُرَتَّبُ الْمُقَدَّرُ
تَمَتُّعٌ فَوْتٌ وَحَجٌّ قُرِنَا ... وَتَرْكُ رَمْيٍ وَالْمَبِيتُ بِمِنَى
وَتَرْكُهُ الْمِيقَاتَ وَالْمُزْدَلِفَهْ ... أَوْ لَمْ يُوَدِّعْ أَوْ كَمَشْيٍ أَخْلَفَهْ
نَاذِرُهُ يَصُومُ إنْ دَمًا فَقَدْ ... ثَلَاثَةً فِيهِ وَسَبْعًا فِي الْبَلَدْ
وَالثَّانِ تَرْتِيبٌ وَتَعْدِيلٌ وَرَدْ ... فِي مُحْصَرٍ وَوَطْءِ حَجٍّ إنْ فَسَدْ
إنْ لَمْ يَجِدْ قَوَّمَهُ ثُمَّ اشْتَرَى ... بِهِ طَعَامًا طُعْمَةً لِلْفُقَرَا
ثُمَّ لِعَجْزٍ عَدْلُ ذَاكَ صَوْمَا ... أَعْنِي بِهِ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمَا
وَالثَّالِثُ التَّخْيِيرُ وَالتَّعْدِيلُ فِي ... صَيْدٍ وَأَشْجَارٍ بِلَا تَكَلُّفٍ
إنْ شِئْتَ فَاذْبَحْ أَوْ فَعَدْلُ مِثْلِ مَا ... عَدَّلْتَ فِي قِيمَةِ مَا تَقَدَّمَا
وَخَيِّرَنْ وَقَدِّرَنْ فِي الرَّابِعِ ... فَاذْبَحْهُ أَوْ جُدْ بِثَلَاثِ آصُعَ
لِلشَّخْصِ نِصْفٌ أَوْ فَصُمْ ثَلَاثًا ... تَجْتَثَّ مَا اجْتَثَثْتُهُ اجْتِثَاثًا
فِي الْحَلْقِ وَالْقَلْمِ وَلُبْسِ دُهْنِ ... طِيبٌ وَتَقْبِيلٌ وَوَطْءُ ثُنِّيَ
أَوْ بَيْنَ تَحَلُّلَيْ ذَوِي إحْرَامِ ... هَذِي دِمَاءُ الْحَجِّ بِالتَّمَامِ
وَقَوْلُهُ " ثُنِّيَ " أَيْ فُعِلَ ثَانِيًا، قَوْلُهُ تَجْتَثَّ أَيْ تَقْطَعَ مَا اجْتَثَثْتَهُ.
قَوْلُهُ: (قَدْرُ مَا يُعْدَلُ إلَيْهِ) وَهُوَ الصَّوْمُ قَوْلُهُ: (بِمَا لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ) أَيْ بِنِيَّةِ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَعَاطَى عِبَادَةً فَاسِدَةً فَيَحْرُمُ حَيْثُ تَعَمَّدَ، وَإِلَّا وَقَعَ لَهُ نَفْلًا مُطْلَقًا قَوْلُهُ: (أُمِرَ فِيهِ بِالتَّقْوِيمِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ التَّعْدِيلَ عِبَارَةٌ عَنْ التَّقْوِيمِ وَالْعُدُولِ إلَى غَيْرِهِ، وَهَذَا غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي التَّقْدِيرِ لِأَنَّ فِيهِ الْعُدُولَ فَقَطْ قَوْلُهُ: (وَعَلَى دَمِ الْإِحْصَارِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: " عَلَى دَمِ الْجِمَاعِ " فَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى دَمَيْنِ قَوْلُهُ: (وَبَعْضُ شَعْرِ الْوَجْهِ) أَيْ عَلَى مَا اُسْتُظْهِرَ مِنْ اعْتِمَادِ التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ جَمِيعَ شَعْرِ الْوَجْهِ مُلْحَقٌ بِشَعْرِ اللِّحْيَةِ قَوْلُهُ: (عِشْرُونَ) وَزَادَ ابْنُ الْمُقْرِي: دَمُ نَذْرِ الْمَشْيِ إذَا أَخْلَفَ، وَهُوَ كَدَمِ التَّمَتُّعِ ق ل قَوْلُهُ:

الصفحة 481