كتاب البحر المحيط في التفسير (اسم الجزء: 2)

بِالْخَبَرِ بَيْنَ الصِّفَةِ وَالْمَوْصُوفِ، نَحْوُ: زَيْدٌ مُنْطَلِقٌ الْعَاقِلُ، نَصَّ عَلَيْهِ سِيبَوَيْهِ، مَعَ أَنَّ الْعَامِلَ فِي النَّعْتِ وَالْمَنْعُوتَ وَاحِدٌ، فَأَحْرَى فِي الْبَدَلِ، لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْعَامِلَ فِيهِ هُوَ غَيْرُ الْعَامِلِ فِي الْمُبْدَلِ مِنْهُ.
وَنَقَلَ الزَّمَخْشَرِيُّ وَغَيْرُهُ: أَنَّ ابْنَ أَبِي عَبْلَةَ قَرَأَ: أَثَمَ قَلْبَهُ، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالثَّاءِ وَالْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الثَّاءِ، جعله فعلا ماضيا. وقلبه بِفَتْحِ الْبَاءِ نَصْبًا عَلَى المفعول بأثم، أَيْ: جَعَلَهُ آثِمًا.
وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ بِمَا تَعْمَلُونَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْأَعْمَالِ، فَيَدْخُلُ فِيهَا كِتْمَانُ الشَّهَادَةِ وَأَدَاؤُهَا عَلَى وَجْهِهَا. وَفِي الْجُمْلَةِ تَوَعُّدٌ شَدِيدٌ لِكَاتِمِ الشَّهَادَةِ، لِأَنَّ عِلْمَهُ بِهَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْمُجَازَاةُ، وَإِنْ كَانَ لَفْظُ الْعِلْمِ يَعُمُّ الْوَعْدَ وَالْوَعِيدَ.
وَقَرَأَ السَّلْمِيُّ: بِمَا يَعْمَلُونَ، بِالْيَاءِ جَرْيًا عَلَى قِرَاءَتِهِ، وَلَا يَكْتُمُوا، بِالْيَاءِ عَلَى الْغَيْبَةِ.
وَقَدْ تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مِنْ ضُرُوبِ الْفَصَاحَةِ.
التَّجْنِيسَ الْمُغَايِرَ فِي قَوْلِهِ: إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ، وَفِي قَوْلِهِ: وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ. وَفِي قَوْلِهِ: وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ. وَفِي قَوْلِهِ: وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ. وَفِي قَوْلِهِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ. وَفِي قَوْلِهِ: اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ.
والتجنيس الممائل فِي قَوْلِهِ: وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا.
وَالتَّأْكِيدَ في قوله: تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ، وَفِي قَوْلِهِ: وليكتب بينكم كاتب، إِذْ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ:
تَدَايَنْتُمْ، قَوْلُهُ: بِدَيْنٍ، وَمِنْ قَوْلِهِ: فَلْيَكْتُبْ، قَوْلُهُ: كَاتِبٌ.
وَالطِّبَاقَ فِي قَوْلِهِ: أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ، لِأَنَّ الضَّلَالَ هُنَا بِمَعْنَى النِّسْيَانِ. وَفِي قَوْلِهِ: صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا.
وَالتَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ: أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ.
وَالِاخْتِصَاصُ فِي قَوْلِهِ: كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ. وَفِي قَوْلِهِ: فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ، وَفِي قوله:
أقسط عند الله وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ. وَفِي قَوْلِهِ: تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ.
وَالتَّكْرَارَ فِي قَوْلِهِ: فَاكْتُبُوهُ وليكتب، وأن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ، فَلْيَكْتُبْ، وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ، وفي قوله: فليملل الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ. كَرَّرَ الْحَقَّ لِلدُّعَاءِ

الصفحة 747