كتاب البحر المحيط في التفسير (اسم الجزء: 2)
تَعَالَى قَدْ حَكَمَ وَأَمْضَى أَنْ لَا عَوْدَةَ إِلَى الدُّنْيَا. ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى أَنَّهُمْ بَعْدَ رُؤْيَتِهِمُ الْعَذَابَ وَتَقَطُّعِ الْأَسْبَابِ، أَرَاهُمْ أَعْمَالَهُمْ نَدَامَاتٍ حَيْثُ لَا يَنْفَعُ النَّدَمُ، لِيَتَضَاعَفَ بِذَلِكَ الْأَلَمُ. ثُمَّ خَتَمَ ذَلِكَ بِمَا خَتَمَ لَهُمْ مِنَ الْعَذَابِ السَّرْمَدِيِّ وَالشَّقَاءِ الْأَبَدِيِّ. نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ سَطَا نِقْمَاتِهِ، وَنَسْتَنْزِلُ مِنْ كَرَمِهِ الْعَمِيمِ نشر رحماته.
[سورة البقرة (2) : الآيات 168 الى 176]
يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (169) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (170) وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لَا يَسْمَعُ إِلاَّ دُعاءً وَنِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ (171) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا رَزَقْناكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172)
إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173) إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (174) أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175) ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ (176)
الْحَلَالُ: مُقَابِلُ الْحَرَامِ وَمُقَابِلُ الْمُحَرَّمِ. يُقَالُ شَيْءٌ حَلَالٌ: أَيْ سَائِغٌ الِانْتِفَاعُ بِهِ، وَشَيْءٌ حَرَامٌ: مَمْنُوعٌ مِنْهُ، وَرَجُلٌ حَلَالٌ: أَيْ لَيْسَ بِمُحْرِمٍ. قِيلَ: وَسُمِّيَ حَلَّالًا لِانْحِلَالِ عَقْدِ الْمَنْعِ مِنْهُ، وَالْفِعْلُ مِنْهُ حَتَّى يَحِلَّ، بِكَسْرِ الْحَاءِ فِي الْمُضَارِعِ، عَلَى قِيَاسِ الْفِعْلِ الْمُضَاعَفِ اللَّازِمِ. وَيُقَالُ: هَذَا حَلٌّ، أَيْ حَلَالٌ، وَيُقَالُ: حَلَّ بَلَّ عَلَى سَبِيلِ التَّوْكِيدِ، وَحَلَّ
الصفحة 97