كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 2)

قوله: ((يَتَأَوَّلُ القرآن))، يعني: يعمل بالقرآن، ويأتمر بما أُمر به في قوله تعالى: {إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجًا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابًا}.
قولها: ((بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي))، يعني: أفديك بأبي وبأمي.
وقولها: ((إِنِّي لَفِي شَأْنٍ، وَإِنَّكَ لَفِي آخَرَ)) تعني: أنها مهتمة بأمر، وهو في أمر آخر صلى الله عليه وسلم؛ فقد ظنَّته صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بعض نسائه، فوجدته يصلي ويقول: ((سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ)).

[٤٨٦] حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً مِنَ الْفِرَاشِ، فَالْتَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ، وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ، وَهُوَ يَقُولُ: ((اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ، كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ)).
في هذا الحديث: أن عائشة رضي الله عنها وضعت يديها على بطن قدميه صلى الله عليه وسلم، وقد احتج به بعضهم على أن الساجد يلاصق قدميه، والصحيح أنه لا يلزم منه هذا.
وفيه: فضل هذا الدعاء وعظمته ومشروعيته، وهو: ((اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ، كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ))، والمعنى: أستعيذ بصفة الرضا من صفة السخط، وأستعيذ بفعل المعافاة من فعل العقوبة، وأستعيذ بالله من الله، فلا أحد يستعاذ به غير الله، وَلَا يستعاذ بشيء خارج عن مشيئة الله وقدرته.

الصفحة 146