كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 2)
وفيه: أنه يستفتح القراءة بـ {الحمد لله رب العالمين}، وهذا دليل على أن البسملة ليست من الفاتحة، ولو كانت من الفاتحة لجهر بها، وذهب الشافعية إلى أنها آية من الفاتحة (¬١)، والصواب: أن الفاتحة سبع آيات بدون البسملة، خلافًا لما هو موجود في المصاحف مِن جعل البسملة في الآية الأولى، ويجعلون {صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وَلَا الضالين} آيةً، فالبسملة آية مستقلة، ليست من الفاتحة، وَلَا من غيرها، إلا أنها بعض آية من سورة النمل، قال تعالى: {إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحيم الرحيم}.
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يستفتح القراءة بـ {الحمد لله رب العالمين}، وجاء في لفظ آخر: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ يَفْتَتِحُونَ الْقِرَاءَةَ بالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)) (¬٢)، وفي لفظ عن أَنَس بْن مَالِكٍ رضي الله عنه ((قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، فَكَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ بِـ {الْحَمْد لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، لَا يَذْكُرُونَ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فِي أَوَّلِ قِرَاءَةٍ، وَلَا فِي آخِرِهَا.))، وفي لفظ: ((كَانُوا يُسِرُّونَ بِـ {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ})) (¬٣)، فالأولى أن يسر المصلي بها، وإن جهر بها بعض الأحيان فلا حرج، كما فعل أبو هريرة رضي الله عنه (¬٤)، وكما هو مذهب الشافعية (¬٥).
وفيه: أن موضع الرأس في الركوع يكون محاذيًا للظهر إذا ركع، لا
---------------
(¬١) المجموع، للنووي (٣/ ٣٣٣)، أسنى المطالب، لزكريا الأنصاري (١/ ١٥٠).
(¬٢) أخرجه أحمد (١١٩٩١)، وأبو داود (٧٨٢)، والترمذي (٢٤٦)، والنسائي (٩٠٢)، وابن ماجه (٨١٣).
(¬٣) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (١٢٠٣)، وابن خزيمة (٤٩٨).
(¬٤) أخرجه النسائي (٩٠٥)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (١١٨٥)، وابن خزيمة (٤٩٩)، وابن حبان (١٧٩٧).
(¬٥) المجموع، للنووي (٣/ ٣٥٣ - ٣٥٥).