كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 2)

عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يُكَبِّرُ فِي الصَّلَاةِ كُلَّمَا رَفَعَ وَوَضَعَ، فَقُلْنَا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، مَا هَذَا التَّكْبِيرُ؟ ! قَالَ: إِنَّهَا لَصَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
في هذا الحديث: أن السنة للمصلي التكبير في كل خفض ورفع، إلا في الرفع من الركوع يقول: سمع الله لمن حمده، وكان بعض بني أمية أحدثوا في الصلاة شيئًا، وهو أنهم لا يكبرون إلا تكبيرة الإحرام، فعن عكرمة قال: قُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: صَلَّيْتُ الظُّهْرَ بِالبطْحَاءِ خَلْفَ شَيْخٍ أَحْمَقَ، فَكَبَّرَ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ تَكْبِيرَةً: يُكَبِّرُ إِذَا سَجَدَ، وإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ، قَالَ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: تِلْكَ صَلَاةُ أَبِي القَاسِمِ عليه الصلاة والسلام (¬١).
ولا خلاف بين العلماء في مشروعية التكبير في كل خفض ورفع، ولكن اختلفوا في وجوب التكبير وعدمه على قولين:
القول الأول: أن التكبير ليس بواجب، فلو تركه عمدًا فلا شيء عليه، ما عدا تكبيرة الإحرام، فهي ركن لا تنعقد الصلاة بدونها (¬٢).
والقول الثاني: إن التكبير واجب؛ فإذا تركه سهوًا سجد للسهو سجدتين، وإذا تركه عمدًا بطلت صلاته، وهذا قول أحمد وجماعة (¬٣)، وهذا أرجح؛ لأمرين:
أحدهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحافظ عليه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)) (¬٤).
والآخر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به في قوله: ((فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا)) (¬٥).
---------------
(¬١) أخرجه أحمد (١٨٨٦)، وابن خزيمة (٥٨٢)، وابن حبان (١٧٦٥)، وأصله عند البخاري (٧٨٧).
(¬٢) ينظر: المجموع، للنووي (٣/ ٣٩٧)، المغني، لابن قدامة (١/ ٣٣٩).
(¬٣) مسائل الإمام أحمد وإسحاق (٢/ ٥٢١).
(¬٤) أخرجه البخاري (٦٣١).
(¬٥) أخرجه البخاري (٣٧٨)، ومسلم (٤١١).

الصفحة 27