كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 2)
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَعْقِرِيُّ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُوَيْسٍ، أَخْبَرَنِي الْعَلَاءُ قَالَ: سَمِعْتُ مِنْ أَبِي، وَمِنْ أَبِي السَّائِبِ- وَكَانَا جَلِيسَيْ أَبِي هُرَيْرَةَ- قَالَا: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَهِيَ خِدَاجٌ)) - يَقُولُهَا ثَلَاثًا، بِمِثْلِ حَدِيثِهِمْ.
قوله: ((خِدَاجٌ))، أي: نقصان، أي: فهي ناقصة غير تامة، وقد دلت النصوص الأخرى على أنها باطلة؛ فهذا النقصان يبطلها.
وفي هذا الحديث: تسمية الفاتحة بأنها صلاة، يقول الرب عز وجل: ((قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ)) وسميت الفاتحة صلاةً؛ لأنها أعظم أركان الصلاة؛ حيث تُقرأ في كل ركعة؛ ولأن الصلاة في اللغة: الدعاء، والفاتحة فيها الدعاء، وَلَا تصح الصلاة إلا بها، والفاتحة لها عدة أسماء، فهي تسمى: الفاتحة، وأم القرآن، والسبع المثاني.
وقوله: ((فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ})) دليل على أن أول آية من الفاتحة {الحمد لله رب العالمين}، وأن البسملة ليست آية من الفاتحة، ولو كانت من الفاتحة لقال: فإذا قال العبد: بسم الله الرحمن الرحيم.
وقوله: ((حَمِدَنِي عَبْدِي)) الحمد: هو الثناء على المحمود بصفاته الجليلة مع حبه وتعظيمه وإجلاله.
وقوله: ((أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي))، أي: كرر الثناء، من التثنية للشيء، فهو ثناء بعد ثناء.
وقوله: ((مَجَّدَنِي عَبْدِي))، أي: توسَّع في الثناء، واستكثر منه، ومن أسماء الله الحسنى: المجيد، أي: العظيم، ذو الصفات العظيمة الجليلة.
وقوله: ((فَإِذَا قَالَ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ})) هذا اعتراف بحق الله عز وجل، وأنه المستحق للعبادة وحده، وأنه مخصوص بها