كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 2)

وقوله: ((عَنْ عَبْدَةَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ)) منقطع؛ لأن عبدة بن أبي لبابة لم يسمع من عمر رضي الله عنه (¬١)، وبعضهم يسمي المنقطع مرسلًا، لكن الجمهور على أن المرسل هو ما سقط فيه الصحابي، فيقول التابعي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومقصود الإمام مسلم في هذا الحديث بقوله: ((وعن قتادة))، أي: الأوزاعي عن قتادة عن أنس، فهو حديث متصل.
أما دعاء الاستفتاح: ((سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ... )) فهو ثابت في غير الصحيحين أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يجهر بهؤلاء الكلمات يقول: ((سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، تَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ)) (¬٢)، وكذلك عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما.
وهذا الدعاء من أفضل الاستفتاحات؛ لما فيه من تنزيه الله عز وجل: ((سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ)) فيه الجمع بين التسبيح والتحميد، ((تَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ))، يعني: لا معبود بحق سواك.
وأصح من هذا الدعاء: ما رواه الشيخان عن أبي هريرة قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ سَكَتَ هُنَيَّةً قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي أَرَأَيْتَ سُكُوتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ والقِرَاءَةِ، مَا تَقُولُ؟ قَالَ: ((أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ والمَاءِ وَالبَرَدِ)) (¬٣).
وتسن البسملة في كل ركعة قبل السورة وقبل الفاتحة، وأما التعوذ فيسن في الركعة الأولى بعد الاستفتاح.
---------------
(¬١) عبدة بن أبي لبابة رأى عمر، ولم يسمع منه. انظر: المراسيل، لابن أبي حاتم (٤٩٠)، وتهذيب التهذيب (٦/ ٤٦١).
(¬٢) وقال البيهقي- في الكبرى (٢/ ٣٤) -: «وأصحُّ ما روى فيه الأثر الموقوف على عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه».
(¬٣) أخرجه البخاري (٧٤٤)، ومسلم (٥٩٨).

الصفحة 41