كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 2)
وهو الصواب الذي دلت عليه النصوص (¬١).
القول الثاني: ذهب الإمام أبو حنيفة: إلى أنه لا يسن للاستسقاء صلاة، وقال: إنه يستسقى بدون صلاة (¬٢)؛ فلعله لم تبلغه الأحاديث، أو أنه تأولها.
وقوله: ((وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ)): فعل هذا تفاؤلًا بتغيير الحال، وأن الله يحول ما بهم من الجدب والقحط، إلى الخصب والسعة.
والاستسقاء على ثلاثة أحوال:
الأولى: وهي أكملها، أن يصلى صلاة الاستسقاء، ثم يخطب، ويدعو.
الثانية: أن يستسقي في خطبة الجمعة، ويرفع الإمام يديه للاستسقاء، ويرفع المأمومون أيديهم.
الثالثة: أن يدعو بغير صلاة، وبغير خطبة الجمعة، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله (¬٣)، وهو محجوج بالأحاديث.
وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، وَحَرْمَلَةُ، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبَّادُ بْنُ تَمِيمٍ الْمَازِنِيُّ: أَنَّهُ سَمِعَ عَمَّهُ- وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا يَسْتَسْقِي، فَجَعَلَ إِلَى النَّاسِ ظَهْرَهُ يَدْعُو اللَّهَ، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ.
قوله: ((خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا يَسْتَسْقِي))، يعني: وعد الناس في يوم معين، وهذا هو الأفضل أن يحدد اليوم.
---------------
(¬١) الشرح الكبير على خليل، للدردير (١/ ٤٠٥)، المجموع، للنووي (٥/ ٦٣)، المغنى، لابن قدامة (٢/ ٣٢٠).
(¬٢) المبسوط، للسرخسي (١/ ٢٨٢)، الاختيار لتعليل المختار، لأبي الفضل الحنفي (١/ ٧١).
(¬٣) فتح القدير، لابن الهمام (٢/ ٩١).