كتاب تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار (اسم الجزء: 2)

قائمقام والقاضي وجرى الماء في الخليج على العادة.
وفيه وردت الأخبار بأن علي باشا كسر السد الذى ناحية أبي قير الحاجز على البحر المالح وهذا السد من قديم الزمان من السدود العظام المتينة السلطانية وتتفقده الدول على ممر الأيام بالمرمة والعمارة إذا حصل به أدنى خلل فلما اختلت الأحوال وأهمل غالب الأمور وأسباب العمارات انشرم منه شرم فسالت المياه المالحة على الاراضي والقرى التي بين رشيد وسكندرية وذلك من نحو ستة عشر عاما فلم يتدارك أمره واستمر حاله يزيد وخرقه يتسع حتى انقطعت الطرق واستمر ذلك إلى واقعة الفرنسيس فلما حضرت الانكليز والعثمانية شرموه أيضا من الناحية البحرية لأجل قطع الطرق على الفرنسيس فسالت المياه المالحة على الاراضي إلى قريب دمنهور واختلطت بخليج الأشرفية وشرقت الاراضي وخربت القرى والبلاد وتلفت المزارع وانقطعت الطرق حول الأسكندرية من البر وامتنع وصول ماء النيل إلى أهل الأسكندرية فلم يصل إليهم إلا ما يصلهم من جهة البحر في النقاير أو ما خزنوه من مياه الأمطار بالصهاريج وبعض العيون المستعذبة فلما استقر العثمانيون بمصر حضر شخص من طرف الدولة يسمى صالح أفندى معين لخصوص السد وأحضر معه عدة مراكب بها أخشاب وآلات وبذل الهمة والاجتهاد في سد الجسر فأقام العمل في ذلك نحو سنة ونصف حتى قارب الأتمام وفرح الناس بذلك غاية الفرح واستبشر أهل القرى والنواحي فما هو إلا وقد حصلت هذه الحوادث وحضر علي باشا إلى الثغر وخرج الأجناد المصرلية وحاربوا السيد على باشا القبطان على برج وشيد فخاف حضورهم إلى الأسكندرية ففتحه ثانيا ورجع التلف كما كان وذهب ما صنعه صالح أفندى المذكور في الفارغ بعد ما صرف عليه اموالا عظيمة وأما أهل سكندرية فإنهم جلوا عنها ونزل البعض في المراكب وسافر إلى ازمير وبعضهم إلى قبرص ورودس والاضات وبعضهم اكترى بالايام وأقاموا بها على الثغر ولم يبق بالبلدة إلا الفقراء والعواجز والذين لا يجدون ما ينفقونه على الرحلة وهم أيضا

الصفحة 601