كتاب أخبار مكة للأزرقي (اسم الجزء: 2)

مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَسْأَلُ رَجُلًا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ عَنْ ذَهَابِ بَصَرِهِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كُنَّا بَنِي ضَبْعَاءَ عَشَرَةً، وَكَانَ لَنَا ابْنُ عَمٍّ، فَكُنَّا نَظْلِمُهُ وَنَضْطَهِدُهُ وَكَانَ يُذَكِّرُنَا اللَّهَ وَالرَّحِمَ أَنْ لَا نَظْلِمَهُ، وَكُنَّا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ نَرْتَكِبُ كُلَّ الْأُمُورِ، فَلَمَّا رَأَى ابْنُ عَمِّنَا أَنَّا لَا نَكُفُّ عَنْهُ، وَلَا نَرُدُّ إِلَيْهِ ظَلَامَتَهُ، أَمْهَلَ حَتَّى إِذَا دَخَلَتِ الْأَشْهُرُ الْحَرَمُ انْتَهَى إِلَى الْحَرَمِ فَجَعَلَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَيَقُولُ:
[البحر الرجز]
اللَّهُمَّ أَدْعُوكَ دُعَاءً جَاهِدَا ... اقْتُلْ بَنِي الضَّبْعَاءَ إِلَّا وَاحِدَا
ثُمَّ اضْرِبِ الرِّجْلَ فَذَرْهُ قَاعِدَا ... أَعْمَى إِذَا مَا قِيدَ عَنَّى الْقَائِدَا
فَمَاتَ إِخْوَةٌ لِي تِسْعَةٌ فِي تِسْعَةِ أَشْهُرٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَاحِدٌ، وَبَقِيَتْ أَنَا فَعَمِيتُ وَرَمَى اللَّهُ فِي رِجْلِي وَكُمِهْتُ فَلَيْسَ يُلَايِمُنِي قَائِدٌ قَالَ: فَسَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: «§سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْعَجَبُ»
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَسْأَلُ ابْنَ عَمِّهِمِ الَّذِي دَعَا عَلَيْهِمْ، قَالَ: §دَعَوْتُ عَلَيْهِمْ لَيَالِيَ رَجَبٍ الشَّهْرَ كُلَّهُ بِهَذَا الدُّعَاءِ فَأُهْلِكُوا فِي تِسْعَةِ أَشْهُرٍ، وَأَصَابَ الْبَاقِيَ مَا أَصَابَهُ "
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " دَعَا رَجُلٌ عَلَى ابْنِ عَمٍّ لَهُ اسْتَاقَ ذَوْدًا -[27]- لَهُ فَخَرَجَ يَطْلُبُهُ حَتَّى أَصَابَهُ فِي الْحَرَمِ، فَقَلَّ: ذَوْدِي، فَقَالَ اللِّصُّ: كَذَبْتَ لَيْسَ الذَّوْدُ لَكَ، قَالَ: فَأَحْلِفُ، قَالَ: إِذًا احْلِفْ، فَحَلَفَ عِنْدَ الْمَقَامِ بِاللَّهِ الْخَالِقِ رَبِّ هَذَا الْبَيْتِ مَا الذَّوْدُ لَكَ، فَقِيلَ لَهُ: لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهِ، §فَقَامَ رَبُّ الذَّوْدِ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ بَاسِطًا يَدَيْهِ يَدْعُو عَلَى صَاحِبِهِ، فَمَا بَرِحَ مَقَامَهُ يَدْعُو عَلَيْهِ حَتَّى وَلِهَ، فَذَهَبَ عَقْلُهُ، وَجَعَلَ يَصِيحُ بِمَكَّةَ، فَمَالِي وَلِلذَّوْدِ مَالِي، وَلِفُلَانٍ رَبِّ الذَّوْدِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ، فَجَمَعَ ذَوْدَهُ، فَدَفَعَهَا إِلَى الْمَظْلُومِ، فَخَرَجَ بِهَا، وَبَقِيَ الْآخَرُ مُتَوَلِّهًا حَتَّى وَقَعَ مِنْ جَبَلٍ فَتَرَدَّى مِنْهُ فَأَكَلَتْهُ السِّبَاعُ "

الصفحة 26