كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 2)
فإن قيل: إنَّ أهلَ (¬١) البحرين لعلَّهم لم يكونوا مَجُوسًا. قيل له: روَى قيسُ بن مسلمٍ، عن الحَسَنِ بن محمدٍ، أنَّ النبيَّ عليه السلامُ كتَب إلى مَجُوس البَحْرين يدْعُوهم إلى الإسلام؛ فمَن أسلَم منهم قُبِل، ومَن أبى وجَبت عليه الجزيةُ، و (¬٢) لا تُؤكَلُ لهم ذبيحةٌ، ولا تُنكَحُ لهم امرأةٌ (¬٣).
وقد كتَب عمرُ بن عبد العزيز إلى عديِّ بن أرطاةَ: أمّا بعدُ، فَسَلِ الحَسَنَ - يعني البصريَّ - ما منَع مَن قبلَنا من الأئمةِ أن يَحُولوا بينَ المَجُوس وبينَ ما يَجمَعون من النساء اللّاتي لا يَجمَعُهنَّ أحدٌ غيرُهم؟ فسأله، فأخبرَه أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَبِل من مجوسِ البحرين الجزيةَ، وأقرَّهم على مجوسيَّتِهم، وعامِلُ (¬٤) رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذٍ على البحرين العلاءُ بن الحَضْرَميِّ، وفعَله بعدَه أبو بكرٍ، وعُمرُ، وعثمانُ. ذكَره الطحاويُّ (¬٥)، قال: حدَّثنا بكارُ بن قتيبةَ، قال: حدَّثنا عبدُ الله بن حُمْرانَ، قال: حدَّثنا عوفٌ (¬٦)، قال: كتَب عمرُ بن عبدِ العزيز.
وذكَر مالكٌ في "الموطأ" (¬٧)، عن ابن شهابٍ، قال: بلَغني أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أخَذ الجزيةَ من مجوسِ البحرين، وأن عمرَ بن الخطاب أخَذها من مجوسِ فارسَ، وإن عثمانَ أخَذها من البربر.
---------------
(¬١) قوله: "أهل" لم يرد في الأصل.
(¬٢) بعده في ف ١: "لكن".
(¬٣) أخرجه الطحاوي في مشكل الآثار (٢٠٢٣).
(¬٤) في الأصل: "وأمّر"، وما هنا من حاشية الأصل حيث قال: "في النسخ: وعامِل، والصواب ما في المتن". قلنا: كذا قال، والأولى إثبات ما في النسخ، إذ العبارة بوجودها مستقيمة دالة على المعنى نفسه.
(¬٥) في شرح مشكل الآثار (٢٠٣٢).
(¬٦) أخرجه ابن زنجوية في الأموال (١٢٠) من طريق عوف، به.
(¬٧) الموطأ (٧٥٥).