كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 2)

ومن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ثَوْرِ بن زَيْدٍ هذا: "إنَّ الشَّمْلَة التي أخَذَ يومَ خَيْبَرَ من المغانم، لم تُصِبْها المَقاسِمُ، لتَشْتَعِلُ عليه نارًا". فكُلُّ مَن غلَّ شيئًا في سبيل الله، أو خانَ شيئًا من مالِ الله، جاءَ به يومَ القيامةِ إنْ شاءَ اللهُ.
والغُلُولُ من حقوقِ الآدَمِيِّين، ولا بُدَّ فيه من القِصاصِ بالحَسَناتِ والسيِّئات، ثم صاحِبُه في المشيئةِ، وسنذكُرُ ما للعلماءِ في عقوبَةِ الغَالِّ بعدَ هذا في هذا الباب إنْ شاءَ الله.
وذكَر سُنيدٌ (¬١)، عن مُبَشِّرٍ (¬٢)، عن صَفْوانَ بن عَمْرٍو، عن حبيبِ بن عُبيدٍ، عن عَوْفِ بن مالكٍ، أنَّ حَبيبَ بنَ مسلمةَ أُتيَ برجلٍ قد غَلَّ، ومعه غُلولُه، فوجَدَ الناسُ من ذلك، وكان أوَّلَ غُلُولٍ رأَوه في غَزْوهم بالشَّام، فقامَ عوفُ بن مالكٍ في الناس، فحَمِد الله وأثْنَى عليه، ثم قال: أيُّها الناسُ، إيَّاكم وما لا كَفَّارةَ له من الذُّنوب، إنَّ الرجلَ ليَزْني ثم يتُوبُ فيتُوبُ اللهُ عليه، وإنَّ الرجلَ ليَسْرِقُ
---------------
= في روايته عن غير أهل بلده متكلّم فيه، وقال البزار: "وهذا الحديث رواه إسماعيل بن عياش واختصره وأخطأ فيه، وإنما هو عن الزهري، عن عروة، عن أبي حميد أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث رجلًا على الصدقة".
وكذا أخرجه أبو عوانة في المستخرج (٥٧١٠) بعد إخراجه من طريق إسماعيل من رواية أبي حاتم الرازي عن حرملة عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، قال: وحدثني أبو الأسود عن عروة عن أبي حميد في قصة ابن اللتبية. وأخرجه بأسانيد ضعيفة: عبد الرزاق (١٢٦٦٥)، والطبراني في الأوسط (٤٦٦٩) من طريق جابر، والطبراني في الكبير (١٩/ حديث ١١٤٠)، والأوسط (٧٨٥٢) من طريق أبي هريرة. ورواه ابن أبي شيبة (٢٢٣٩٠) عن عبد الرحمن بن مهدي عن لثعبة عن أبي قزعة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد موقوفًا، وهذا إسناد صحيح رواته ثقات، وأبو قزعة هو سويد بن حجير الباهلي ثقة.
(¬١) هو سنيد بن داود المصيصي، ضعيف (تهذيب الكمال ١٢/ ١٦١).
(¬٢) هو مبشر بن إسماعيل الحلبي، صدوق (تهذيب الكمال ٢٧/ ١٩٠).

الصفحة 14