كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 2)

ثم يتُوبُ فيتُوب اللهُ عليه، وإنّهما لذَنْبان لا كَفَّارةَ لهما: صاحبُ الغُلُول، وآكِلُ الرِّبَا، قال الله تبارك وتعالى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [آل عمران: ١٦١]. فلا كَفَّارةَ لصاحب الغُلُول حتى يأتيَ اللهَ به يومَ القيامة، وآكِلُ الرِّبَا يَبْعَثُه الله يومَ القيامة مُخْتَنِقًا (¬١)، يَخْتنقُ (¬٢).
قال سُنيدٌ: وحدَّثنا عبدَةُ بن سليمان، عن إسماعيلَ بن مسلم، عن الحسن، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هَدايا الأُمَراءِ غُلُولٌ" (¬٣).
حدَّثنا سعيد، قال: حدَّثنا قاسمٌ، قال: حدَّثنا محمد، قال: حدَّثنا أبو بكرٍ (¬٤)، قال: حدَّثنا عبدُ الرحيم بن سليمانَ، عن أبي حيَّانَ، عن أبي زُرْعةَ، عن أبي هريرةَ، قال: قامَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فينا خَطيبًا فذكَر الغُلُولَ، فعظَّمَه، وعظَّمَ أمْرَه، ثم قال: "يا أيُّها الناسُ، لا أُلْفِيَنَّ أحدَكم يَجيءُ يومَ القيامةِ على رَقَبَتِه بَعيرٌ له رُغَاءٌ، فيقولُ: يا رسولَ الله، أغِثْني. فأقول (¬٥): لا أملِكُ لكَ شيئًا، قد أبْلَغْتُك. لا أُلْفِيَنَّ أحَدَكم يَجيءُ يومَ القيامة على رَقَبَتِه شاةٌ لها ثُغاءٌ، يقول: يا رسولَ الله، أغِثْني. فأقولُ: لا أملِكُ لك شيئًا، قد أبْلَغْتُكَ. لا أُلْفِينَّ أحدَكم [يَجيءُ] (¬٦) يومَ القيامةِ
---------------
(¬١) هكذا في الخسخ، وفي مصادر التخريج: "مجنونًا"، وفي بعضها: "مجنونًا مخنقًا".
(¬٢) أخرجه أبو إسحاق الفزاري في السير (٤٨٥)، والطبراني في الكبير (١٤٥٣٦)، وفي مسند الشاميين (١٤٦٥) من طريق حبيب بن عبيد، به، وليس في كتابي الطبراني "عن عوف بن مالك".
(¬٣) إسناده ضعيف، لضعف إسماعيل بن مسلم، وعنعنة الحسن البصري، وقد بينا قبل قليل ضعف طرق هذا الحديث من هذا الوجه، وينظر التلخيص الحبير ٤/ ١٨٩.
(¬٤) المصنف (٣٤٢١٦)، ومن طريقه أخرجه مسلم (١٨٣١) (٢٤)، باختلاف لفظي. وأخرجه البخاري (٣٠٧٣) عن مسدد، عن يحيى بن سعيد القطان، عن أبي حيان، كذلك.
(¬٥) في الأصل: "فيقول"، والمثبت من بقية النسخ.
(¬٦) ما بين الحاصرتين ليست في النسخ، وأثبتناها من صحيح مسلم.

الصفحة 15