كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 2)

قال: أهْدَيْتُ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناقةً - أو قال: هَديّةً - فقال: "أسْلَمْتَ؟ ". قلتُ: لا. قال: "إنِّي نُهِيتُ عن زَبْدِ المشركين" (¬١).
أخبرنا أبو عمرَ أحمدُ بن محمدِ بن أحمدَ، قال: حدَّثنا وَهْبُ بن مَسَرَّة، قال: حدَّثنا ابنُ وضَّاح، قال: حدَّثنا يوسفُ بن عَدِيٍّ، قال: أخبر نا ابنُ المبارك، عن يونسَ ومَعْمَرٍ، عن الزُّهريِّ، عن عبد الرحمنِ بن مالكٍ، عن (¬٢) عامرِ بن مالكٍ، الذي يُقالُ له: مُلاعِبُ الأسِنَّة، قال: قَدِمْتُ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بهَدِيَّةٍ، فقال: "إنَّا لَنْ نقْبَلَ هَدِيَّةَ مُشركٍ" (¬٣).
واختلفَ العلماءُ في معنى هذينِ الحديثين، فقال منهم قائلون: فيهما النَّسخُ، لما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قَبولِ الهَديَّةِ من أهلِ الشِّركِ مِثلَ أُكَيْدر دُومَةَ، وفَرْوةَ بن نُفاثةَ، والمُقَوْقِس، وغيرهم.
وقال آخرون: ليس فيهما ناسِخٌ ولا مَنْسوخٌ، والمعنَى فيهما أنّه كان لا يقبلُ هَدِيَّةَ مَن يَطْمَعُ بالظُّهور عليه وأخذِ بلَدِه، أو دخُولِه في الإسلام، فعن
---------------
(¬١) أخرجه الطيالسي (١٠٨٣)، وأبو داود (٣٠٥٧)، والترمذي (١٥٧٧)، وابن الجارود (١١١٠)، والطحاوي في شرح المشكل (٤٣٥٤)، والطبراني في الكبري ١٧/ حديث ٩٩٩، والبيهقي في الكبرى ٩/ ٢١٦. وصححه الترمذي وفيه عمران وهو ابن داور القطان ضعيف يعتبر به عند المتابعة كما في تحرير التقريب ٣/ ١١٣ - ١١٤، ويعارضه حديث أنس في الصحيحين: البخاري (٢٦١٥) و (٢٦١٦) و (٣٢٤٨)، ومسلم (٢٤٦٩) أن أكيدر دومة أهدى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - جبة سندس (فلم يردها).
(¬٢) هكذا في النسخ، والصواب: "أنّ عامر بن مالك" أو ما يشبه ذلك كما في الأموال لأبي عبيد (٦٣١)، وفي مصنف عبد الرزاق: "قال معمر عن الزهري: أخبرني ابن كعب بن مالك، قال: جاء ملاعب الأسنة (٩٧٤١)، فهذا مرسل.
(¬٣) إسناده ضعيف لإرساله، وقال الحافظ ابن حجر في الفتح ٥/ ٢٣١: "وقد وصله بعضهم عن الزهري ولا يصح".

الصفحة 17