كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 2)
حديث أولُ لمالكٍ، عن حُميدٍ الطَّويل مُسندٌ صحيح
مالكٌ (¬١)، عن حُميدٍ الطوِيل، عن أنسِ بنِ مالكٍ، قال: سافَرنا مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في رَمَضانَ، فلم يَعِبِ الصَّائمُ على المُفْطِرِ، ولا المفطِرُ على الصَّائم.
هذا حديثٌ مُتَّصِلٌ صحيحٌ. وبلَغَني عن ابنِ وضَّاحٍ رَحِمه اللهُ أنّه كان يقولُ: إنّ مالكًا لم يُتابَعْ عليه في لفظِه. وزعَم أنّ غيرَه يَرْوِيه عن حُميدٍ، عن أنسٍ، أنّه قال: كان أصحابُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يُسافِرُونَ، فيصُومُ بعضُهم ويُفطِرُ بعضُهم، فلا يَعِيبُ الصائمُ على المُفْطِرِ، ولا المُفْطِرُ على الصائمِ. ليس فيه ذِكرُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا أنّه كان يُشاهِدُهم في حالِهم هذه (¬٢).
وهذا عندي قِلَّةُ اتِّسَاعٍ في عِلْم الأثَرِ؛ وقد تابَعَ على ذلك مالِكًا جَماعَةٌ من الحُفَّاظِ، منهم: أبو إسحاقَ الفَزارِيُّ، وأبو ضَمْرةَ أنسُ بن عِياضٍ (¬٣)، ومحمدُ بن عبدِ الله الأنْصارِيُّ (¬٤)، وعبدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ (¬٥)، كلُّهم روَوْه عن حُميدٍ، عن أنسِ بن مالكٍ بمعنى حديثِ مالكٍ: سافَرنا مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، سواءً. ورُوِي عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه مثلُ ذلك من وُجُوهٍ؛ منها: حديثُ ابن عباسٍ (¬٦)، وحديثُ أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ (¬٧).
---------------
(¬١) الموطأ ١/ ٣٩٦ (٨٠٨).
(¬٢) الحديث الموقوف الذي أشار إليه ابن وضاح أخرجه ابن أبي شيبة في مصنّفه (٩٠٨٤) ومن طريقه مسلم في الصحيح (١١١٨) (٩٩)، والبيهقي في الكبرى ٤/ ٢٤٤.
(¬٣) أخرجه أبو نُعيم في مستخرجه (٢٥٣٣) من طريق أبي ضمرة، به.
(¬٤) أخرجه أبو عوانة (٢٨٢٧).
(¬٥) أخرجه الشافعي في السنن المأثورة (٣١٩)، ومن طريقه البيهقي في السنن والآثار (٢٦٤٩)، وأخرجه الطبري في تهذيب الآثار (١٨٤٤).
(¬٦) أخرجه البخاري (١٩٤٨) من طريق مجاهد عن طاووس، به.
(¬٧) أخرجه مسلم (١١١٦) (٩٣، ٩٤، ٩٥، ٩٦) و (١١١٧) (٩٧).