كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 2)

فكُلْه وتَمَوَّلْه" (¬١). وهذا إذا لم تكُنِ الهديَّةُ على شرطِ أداءِ حقٍّ قد وجَبَ عليه، كالشَّهادةِ ونحوِها، فإنْ كانت كذلك فهي سُحْتٌ ورِشْوَةٌ، وشَرٌّ من ذلك الأخذُ على الباطل، وبالله التوفيق.
قرأتُ على أحمدَ بن قاسم بن عبد الرحمن، أنّ محمدَ بن معاويةَ حدَّثهم، قال: حدَّثنا أحمدُ بن الحَسَن بن عبد الجبار الصُّوفيُّ، قال: حدَّثنا الهيثمُ بن خارِجَة، قال: حدَّثنا إسماعيلُ بن عياشٍ، عن عَمْرِو بن مُهاجِرٍ، قال: اشْتَهَى عمرُ بن عبد العزيز تُفَّاحًا، فقال: لو كان عندَنا شَيءٌ من تُفَّاح؛ فإنَّه طيبُ الرِّيح، طيِّبُ الطَّعْم. فقامَ رجلٌ من أهل بيتِه فأهْدَى إليه تُفَّاحًا، فلمّا جاءَ به الرسولُ، قال عُمرُ بن عبد العزيز: ما أطيبَ ريحَه وطَعْمَه، يا غلامُ، ارْجِعْه، وأقرئْ فلانًا السَّلامَ، وقل له: إنَّ هديَّتَك قد وقَعَتْ عندَنا بحيثُ تَحِبُّ (¬٢). قال عمرُو بن مهاجر: فقلتُ: يا أميرَ المؤمنينَ، ابنُ عَمِّك ورجلٌ من أهل بيتك، وقد بلَغك أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأكلُ الهديَّةَ ولا جملُ الصدقةَ. فقال: إن الهديَّة كانت للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - هديَّةً، وهي لنا اليومَ رِشْوةٌ (¬٣).
---------------
= وأخرجه أحمد (٣٨٣٨)، والبخاري في الأدب (١٥٧)، والبزار (١٦٩٨)، والطبراني في الكبير (٩/ حديث ١٠٢٩٢)، والطحاوي في مشكل الآثار (٣٠٣١)، والبيهقي في الشعب (٤١٧٤) كلهم من طريق إسرائيل عن الأعمش، به.
وأخرجه أبو نعيم في الحلية ٧/ ١٢٨ من طريق يحيى بن الضريس عن سفيان عن الأعمش، به.
(¬١) أخرجه البخاري (١٤٧٣) و (٧١٦٣) و (٧١٦٤)، ومسلم (١٠٤٥) (١١٠) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
(¬٢) في ج: "تجب".
(¬٣) أخرجه أحمد في الزهد (٢٩٤)، وأبو نعيم في الحلية ٥/ ٢٩٤، وأخرجه البخاري في صحيحه معلقًا عن عمر بن عبد العزيز، ووصله الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق ٣/ ٣٨٥ - ٣٨٦، وهو مرسل، عمرو بن مهاجر تابعي ثقة.

الصفحة 23