كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 2)

غزوانَ في السفينةِ المملوءةِ بالجَوزِ (¬١)، وحديثُ ابن أبي أوفَى: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخيبرَ، يأتي أحدُنا إلى الطعامِ من الغنيمةِ فيأخُذُ منه حاجَته (¬٢). وأجمعَ العلماءُ على أنّ أكلَ الطعام في دارِ الحربِ مباحٌ، وكذلك العلفُ ما داموا في دارِ الحرب، فدلَّ على أنّه لم يدخُلْ في مرادِ الله من الآية التي تلَوْنَا، وما عدا الطعامَ فهو داخل تحتَ عموم قوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: ٤١]. إلّا أن للأرض حكمًا سنذكُرُه في غير هذا الموضع من كتابِنا هذا إن شاءَ الله.
وقد رُوِي عن الزُّهريِّ أنَّه قال: لا يؤخذُ الطعامُ في أرضِ العدوِّ إلّا بإذنِ الإمام. وهذا لا أصلَ له؛ لأنّ الآثارَ المرفوعةَ تخالفُه، ولم يقلْ به فيما علمتُ غيرُه. ومن الآثار في ذلك ما ذكَره البخاريّ، قال (¬٣): حدَّثنا مُسَدَّدٌ، قال: حدَّثنا حَمّادُ بن زيدٍ، عن أيوبَ، عن نافع، عن ابن عمرَ، قال: كنا نُصِيبُ في مغازِينا العَسَلَ والعنبَ فنأكُلُه ولا نرفعُه.
قال أبو عُمر: ما يُخرَجُ به من الطعام إلى دارِ الإسلام وكان له قيمةٌ فهو غنيمةٌ، وكذلك كُلُّ قليلٍ وكثيرٍ غيرَ الطعام، فهو غنيمةٌ؛ لأنهم لم يُجمِعوا على
---------------
(¬١) أخرجه الطبراني في الكبير (١٧/ حديث ٢٧٧).
(¬٢) حديث صحيح.
أخرجه أحمد (١٩١٢٤) عن هشيم بن بشير عن أبي إسحاق الشيباني، عن محمد بن أبي مجالد، قال: بعثني أهل المسجد إلى ابن أبي أوفى أسأله، فذكره. وكذا أخرجه ابن الجارود في المنتقى (١٠٧٢)، والبيهقي في الكبرى ٦/ ٩٠.
وأخرجه سعيد بن منصور (٢٧٤٠)، وأبو داود (٢٧٠٦) من طريق أبي معاوية عن أبي إسحاق الشيباني به. وكذا أخرجه الحاكم (٢٦٠٠) إلا أنه قرن في روايته بين أبي إسحاق وأشعث بن سَوَّار.
وأخرجه عبد الرزاق (٩٣٠٤) عن الثوري، عن أشعث بن سوار عن رجل عن ابن أبي أوفى، قوله: "لم يخمس الطعام يوم خيبر".
(¬٣) البخاري (٣١٥٤).

الصفحة 25