كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 2)
ورُوِيَ عن علي بن أبي طالبٍ مثلُ ذلك؛ ذكَره عبدُ الرَّزَّاق (¬١)، عن الحسن بن عُمارةَ، عن الحكم، عن يحيى بن الجَزّار، عن عليٍّ.
وقد رُويَ من حديثِ أبي إسحاق، عن الحارثِ (¬٢)، أنّ هلالَ الفِطرِ رُئيَ نهارًا، فلم يأمُرْ عليُّ بن أبي طالب الناسَ أن يُفطِروا من يومِهم ذلك.
وروَى الزهريُّ، عن سالمٍ، عن ابن عمر، قال: لا تُفطِروا حتى يُرَى من موضعِه (¬٣).
وعن ابن مسعودٍ وأنسِ بن مالكٍ مثلُ ذلك (¬٤). وهو قولُ مالكٍ، والشافعيِّ، وأبي حنيفةِ، ومحمدِ بن الحسن، واللَّيث بن سعدٍ، والأوزاعيِّ، وبه قال أحمدُ، وإسحاقُ. كلُّ هؤلاء يقولُ: إذا رُئيَ الهلالُ نهارًا قبلَ الزوالِ، أو بعدَ الزوالِ، فهو للَّيلةِ المستقبَلةِ.
وقال سفيانُ الثوريُّ وأبو يوسُفَ: إن رُئيَ بعدَ الزوال فهو للَّيلةِ التي تأتي، وإن رُئيَ قبلَ الزوالِ فهو للَّيلةِ الماضية.
ورُوِي مثلُ ذلك عن عمرَ (¬٥)؛ ذكَر عبدُ الرَّزَّاق (¬٦) وغيرُه، عن الثوريِّ، عن مغيرةَ، عن شِبَاكٍ (¬٧)، عن إبراهيمَ، قال: كتَبَ عمرُ إلى عُتبةَ بن فَرقَدٍ:
---------------
(¬١) عبد الرزاق (٧٣٣٣).
(¬٢) الحارث هو الأعور كذّبه غير واحد.
(¬٣) أخرجه ابن أبي شيبة (٩٥٤٣)، والبيهقي في الكبرى ٤/ ٢١٣.
(¬٤) أخرجه ابن أبي شيبة (٩٥٤٢) و (٩٥٤٦)، والبيهقي في الكبرى (٤/ ٢١٣)، وكذلك ورد ذلك عن عثمان رضي الله عنه كما في مصنف ابن أبي شيبة (٩٥٤٥).
(¬٥) أثر عمر رضي الله عنه أخرجه ابن أبي شيبة (٩٥٥٠)، وكذلك ورد عن علي رضي الله عنه كما في المصنف (٩٥٤٧).
(¬٦) المصنف (٧٣٣٢)، وأشار إليه البيهقي في الكبرى ٤/ ٢١٢.
(¬٧) شِبَاك: بكسر أوله ثم موحدة خفيفة ثم كاف، وهو الضبي الكوفي الأعمى ثقة (تهذيب الكمال ١٢/ ٣٤٩).