كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 2)

قالت: وما هو يا أبا سلَمةَ؟ قال: سمِعتُ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: "مَن رجَّعَ عندَ مصيبةٍ، ثم قال: اللهمَّ أجُرْني في مُصِيبَتي واخْلِفْ لي خيرًا منها. كان ذلك له بذلك". قالتْ: فلمّا أُصيبَ أبو سلَمةَ رَجَّعْتُ، ثم قلتُ: اللَّهُمَّ أْجُرْني في مُصِيبَتي. قالت: وهَمَمْتُ أنْ أقولَ: وأَخْلِفْ لي خيرًا منها. ثم قلتُ: ومَن خيرٌ من أبي سلَمةَ؟ قالت: ورسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمامِي مُتَوَكِّئٌ على أبي بكرٍ، مُمْسِكٌ بيَدِه. قالت: ثم قُلتُها. قالت: فشَدَّ على يَدِ أبي بَكْرٍ.
قال أبو عمر: هكذا قال سعيدُ بنُ أبي هلالٍ: عن عمرَ بنِ كثيرِ بنِ أفْلَحَ، عن أُمِّ أيمنَ. وقال سعدُ بنُ سعيدٍ: عن عمرَ بن كثيرِ بنِ أفْلَحَ. عن عليِّ بن سَفِينَةَ. واللّهُ أعلمُ. وأمَّا إسْنادُه عن أبي سَلَمَةَ فهو الصحيح (¬١)، وباللّه التوفيقُ.
حدَّثني سعيدُ بنُ نصرٍ، قال: حَدَّثَنَا قاسمُ بنُ أصْبَغَ، قال: حَدَّثَنَا محمد بن وضاح، قال: حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي شيبة، قال (¬٢): حَدَّثَنَا يزيدُ بنُ هارونَ، قال:
---------------
(¬١) وقد ذكر الدارقطني في علله ١٥/ ٣٢٦ الاختلاف فيه على عمر بن كثير بن أفلح، ثم قال: "فرواه سعد بن سعيد بن قيس الأنصاريّ، عن عمر بن كثير، عن ابن سفينة، عن أمّ سلمة. وخالفه ابن لهيعة، فرواه عن سعيد بن أبي هلال، والأوّل أصحّ".
(¬٢) في مسنده ٢/ ١٢٨ (٦٢٢)، وعنه ابن ماجة (١٥٩٨)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٣٠٨).
وأخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٨/ ٨٧، ٨٨، وأبو نعيم في حلية الأولياء ٢/ ٣ من طريق يزيد بن هارون، به. وسقط من إسناد ابن سعد "عمر بن أبي سلمة"، وفي الحديث غرابة في بعض ألفاظه، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الملك بن قدامة الجُمحيّ كما في التقريب (٤٢٠٤)، وضعَّفه أبو زرعة الرازي وقال: "منكر الحديث"، وقال أبو حاتم: "ليس بالقويّ، ضعيف الحديث، يحدِّث بالمنكر عن الثقات"، وقال الدارقطني: "مدنيّ يُترك"، وقال ابن حبان: "فحُش خطؤه وكثُر وهْمُه حتى يأتي بالشيء على التوهم فيحيله على معناه ويقلبه عن سننه، لا يجوز الاحتجاج به فيما لَمْ يوافق الثقات" ينظر: تهذيب الكمال ١٨/ ٣٨١ - ٣٨٢ والتعليق عليه، وتوثيق المصنِّف له كما سيأتي لَمْ يُتابعْهُ عليه سوى ابن معين، وعبد الرَّحمن بن مهدي فذُكِر أنه كان يُثني عليه ولكنه يقول: "كان مالك يحدِّث عنه وفي حديثه نكارة"، كما في "تهذيب الكمال" أيضًا.

الصفحة 554