كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 2)

وقال بعضُهم في هذا الحديث: كلُّنا سَمِعَه (¬١).
وقد روَى قومٌ هذا الحديث عن أبي سعيدٍ، عن أبي موسى (¬٢). وإنّما هذا من النَّقَلَةِ؛ لاخْتِلاطِ الحديثِ عليهم، ودخولِ قصةِ أبي سعيدٍ مع أبي موسى في ذلك، واللّهُ أعلمُ، كأنَّهم يقولون: عن أبي سعيدٍ، عن قصةِ أبي موسى. على نحوِ روايةِ عُمَيرِ بنِ سلمةَ، عن البَهْزِيِّ، يريدُ: عن قصةِ البَهْزِيِّ. وقد أوْضَحْنا هذا المعنَى عندَ ذكرِ البَهْزِيِّ، في باب يحيَى بن سعيدِ من كتابِنا هذا (¬٣)، والحمدُ للّه.
ومن أحسنِ طُرُقِ حديثِ أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ في هذه القصة ما حَدَّثَنَاه أبو زيدٍ عبدُ الرَّحمن بنُ يحيى، قال: حَدَّثَنَا عليُّ بنُ محمدِ بن مسرورٍ، قال: حَدَّثَنَا أحمدُ بنُ أبي سليمانَ، قال: حَدَّثَنَا سُحْنُونٌ، قال: حَدَّثَنَا ابنُ وهب، قال: أخبَرنا عمرُو بنُ الحارث، عن بُكيرِ بنِ الأشَجِّ، أنَّ بُسْرَ بن سعيدٍ حدَّثه، أنَّه سمِع أبا سعيدٍ الخُدْرِيَّ يقولُ: كنا في مجلسِ أُبَيٍّ بنِ كعبٍ، فأتَى أبو موسى مُغْضَبًا حتى وقَف، وقال: أنْشُدُكم اللهَ، هل سمِع أحدٌ منكم رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ: "الاستِئذانُ ثلاث، فإن أُذِنَ لك، وإلّا فارجِعْ"؟ قال أُبَيٌّ: وما ذاك؟ قال: استأذنْتُ على عمرَ أمسِ ثلاثَ مراتٍ، فلم يُؤذَن لي، فرجَعْتُ، ثم جِئْتُ اليومَ،
---------------
(¬١) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ١٠/ ٣٨١ (١٩٤٢٣) عن معمر بن راشد، عن سعيد الجُريريّ، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه.
وأخرجه البيهقي في الكبرى ٧/ ٩٧ (١٣٩٤٤)، والبغويّ في شرح السُّنة ١٢/ ٢٨٠، ٢٨١ (٣٣١٨) من طريق عبد الرزاق، به. وإسناده صحيح. سعيد الجريري: هو ابن إياس، أبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قُطَعة العَبْديّ.
(¬٢) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٥٥٣ (٢٧٦٧)، وهو الحديث السابع لمالك عمّن يثق به، وسيأتي تمام تخريجه مع مزيد كلام عليه في موضعه إن شاء الله تعالى.
(¬٣) وهو الحديث السابع والثلاثون ليحيى بن سعيد، وهو في الموطأ ١/ ٤٧٢ (١٠٠٨)، وسيأتي تمام تخريجه مع مزيد كلام عليه في موضعه إن شاء الله تعالى.

الصفحة 559