كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 2)

حديثٌ حاديَ عشَرَ لربيعةَ مُنقَطعٌ متَّصل من وجُوهٍ شتّى
مالكٌ (¬١)، عن ربيعةَ بن أبي عبد الرَّحمن، عن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ، أنَّه قدِم من سفَرٍ، فقدَّمَ إليه أهلُه لحمًا، فقال: انظُروا أن يكونَ هذا من لحوم الأضحى. فقالوا: هو منها. فقال أبو سعيدٍ: ألم يكنْ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهَى عنها؟ فقالوا: إنَّه قد كان من رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعدَك فيها أمرٌ. فخرَج أبو سعيدٍ فسأل عن ذلك، فأُخْبِر أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "نَهَيْتكُم عن لحوم الأضاحيِّ بعد ثلاثٍ، فكُلوا، وتصدَّقوا، وادَّخِروا، ونَهَيْتُكم عن الانتِباذِ، فانْتَبِذوا، وكلُّ مسكرٍ حرامٌ، ونَهَيْتُكم عن زيارةِ القبور، فزُورُوها، ولا تقولوا هُجْرًا"، يعني لا تقولوا سُوءًا.
قال أبو عمر: لَمْ يَسمَعْ ربيعةُ من أبي سعيدٍ الخدريِّ، وهذا الحديثُ يتِّصِلُ من غير حديثِ ربيعة (¬٢)، ويُسْنَدُ إلى النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من طُرُقٍ حسانٍ من حديثِ عليِّ بن
---------------
(¬١) الموطّأ ١/ ٦٢٣ - ٦٢٤ (١٣٩٤).
(¬٢) وقد وقع معناه عند البخاري في موضعين من صحيحه، وفيهما التصريح باسم الشخص الذي سأله أبو سعيد الخدريّ عن لحوم الأضاحي، فقد أخرجه برقم (٣٩٩٧) عن عبد الله بن يوسف التِّنِّيسيّ عن الليث بن سعد، وبرقم (٥٥٦٨) عن إسماعيل بن أبي أويس، عن سليمان بن بلال، كلاهما - الليث وسليمان - عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصِّديق، عن عبد الله بن خبّاب، عن أبي سعيد الخدري، به.
وفيه في رواية الليث بن سعد قول أبي سعيد: "ما أنا بآكله حتى أسأل، فانطلق إلى أخيه لأمِّه، وكان بدريًّا، قتادة بن النُّعمان فسأله"، وفي رواية سليمان بن بلال: "ثم قمت فخرجت، حتى آتيَ أخي أبا قتادة، وكان أخاه لأُمِّه، وكان بدريًّا" وقوله: "أبا قتادة" خطأ وقع عند بعض رواة البخاري، وقد نبَّه على اختلاف الرُّواة في ذلك أبو عليّ الجيّاني في تقييده وتَبِعَه القاضي عياض وآخرون فيما ذكر ابن حجر في الفتح ١٠/ ٢٥ بعدما جزم بصحّة رواية الليث بن سعد في هذا. وعلى هذا فالحديث يُعدُّ عندئذٍ من رواية أبي سعيد عن أخيه قتادة، كما بيناه في تعليقنا على الموطأ.

الصفحة 577