كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 2)
حديثٌ رابعٌ لثَوْر بن زَيْد مُرْسلٌ شَرِكهُ فيه حُميد بن قيس
مالكٌ (¬١)، عن حُميدِ بن قَيْسٍ وثَوْرِ بن زَيْدٍ، أنّهما أخبَراه عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وأحدُهما يزيدُ في الحديث على صاحبه، أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رَجُلًا قائمًا في الشَّمْسِ (¬٢)، فقال: "ما بالُ هذا؟ ". قالوا: نذَر ألّا يتكلَّمَ، ولا يستظِلَّ، ولا يجلِسَ، ويصومَ. فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مُرُوه فليتكلَّمْ وليستظِلَّ، وليجلِسْ وليُتمَّ صيامَه".
قال مالكٌ: ولم أسمَعْ أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أمَرَه بكفّارةٍ، وقد أمَره أنْ يُتمَّ ما كان لله طاعةً، وأنْ يترُكَ ما كان لله معصيةً.
قال أبو عُمر: هذا الحديثُ يتَّصلُ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من وُجوه؛ منها حديث جابرٍ وابن عباسٍ، ومن حديث قيس بن أبي حازمٍ، عن أبيه، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ومن حديثِ طاوسٍ، عن أبي إسرائيلَ رجل من أصحاب النبيِّ عليه السلامُ (¬٣). وأظنُّ، والله أعلمُ، أنّ حديثَ جابرٍ هو هذا؛ لأنّ مجاهدًا رواه عن جابرٍ، وحميدُ بن قيسٍ صاحبُ مجاهدٍ.
---------------
(¬١) الموطأ ١/ ٦٠٩ (١٣٦٣).
(¬٢) ذكر ابن بشكوال في غوامض الأسماء المبهمة ١/ ٢٣٨ أن الرجل المذكور هو أبو إسرائيل الفهري واسمه يسير.
(¬٣) حديث ابن عباس أخرجه الطبراني في الكبير (١١٨٧١) و (١٢٣٦٠)، والدارقطني (٤٣٢٣)، وحديث طاوس أخرجه عبد الرزاق (١٥٨١٨) و (١٥٨١٧)، ومن طريقه أحمد (١٧٥٣٢)، والشافعي ٦/ ١٩٠، ومن طريقه البيهقي في معرفة السنن والآثار (٦٠٠٠) وقال: قال أحمد: هذا مرسل جيد.
وأخرجه الطبراني في الكبير (٢٢/ حديث ٩٧٣)، وسيأتي حديث مجاهد عن جابر.