كتاب المعتصر من المختصر من مشكل الآثار (اسم الجزء: 2)
له ولا والد فقلت: يقول الله تعالى: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} فغضب علي وانتهرني فيحتمل أن ترك الذكر للوالد في الآية لأن المخاطبين بذلك يعلمون أن الولد في هذا المعنى أوكد من الوالد فيكون ذكر الولد يغني عن ذكر الوالد كما قال: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} وسكت عما سواهن من العمات والخالات لعلم المخاطبين بما أريد منهم ومثله {وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى} ثم قال: {بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً} فقيل: الجواب لكان هذا القرآن وقيل: هو لكفروا به ومنه {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} ولم يذكر ما كان يكون ووصل ذلك بقوله تعالى: {وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ} فكان معقولا أن الكلالة ما تكلل على الموروث في الميراث الذي يتركه من يستحقه بالنسب الذي يتكلل به عليه وكان الولد غير متكلل عليه لأنه منه ومثله الوالد لأنه منه فثبت بذلك أن الكلالة ما عدا الوالد والولد جميعا.
في النبي صلى الله عليه وسلم لا يرث ولا يورث
عن عائشة أن مولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم توفي فقال: هاهنا رجل من أهل قريته فأعطاه إياه وعنها أن مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقع من عذق نخلة فمات وترك شيئا فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "هل ترك من ولد أو حميم" قالوا: لا قال: "انظروا أهل قريته فادفعوه إليهم" وإنما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم ميراث مولاه هذا إلا أن الله تعالى شرفه وجعله في أعلى مراتب الدنيا والآخرة وأخرجه من أخلاق من سواه وكان فيما أنزل عليه: {وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَمّاً وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً} فوصفهم بأخلاق لا يحمدها وجعلهم بذلك في منزلة سفلى وجعل حكمه فيما أخرجه إليه أعلى الأحكام فلم يجعله ممن يرث بنسب ولا ولاء ولا تزويج وخالف بينه وبين سائر أمته في ذلك زيادة في فضله وفي تشريفه إياه فأمر صلى الله عليه وسلم بميراث