كتاب المعتصر من المختصر من مشكل الآثار (اسم الجزء: 2)

على ذلك قوله تعالى: {فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا} والمهاجر إنما كان إلى المدينة لا من المدينة إلى ما سواها ولم نحد ما يدل على الموضع الذي رجعوا إليه غير ما روى عن مجاهد قال قوم: خرجوا من مكة حتى جاؤا إلى المدينة يزعمون أنهم مهاجرون ثم ارتدوا بعد ذلك فاستأذنوا إلى مكة ليأخذوا بضائع لهم فيتجرون بها فاختلف فيهم الصحابة فقيل هم منافقون وقيل هم مؤمنون فبين الله نفاقهم وأمر بقتالهم.
سورة المائدة
عن جبير بن نفير أنه قال: دخلت على عائشة فقالت لي: يا جبير هل تقرأ المائدة فقلت نعم فقالت: إنها آخر سورة نزلت فما وجدتم فيها من حلال فاستحلوه وما وجدتم فيها من حرام فحرموه.
وعن البراء آخر آية نزلت: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ} وآخر سورة نزلت: براءة، المروى عن عائشة أشبه بالحق والله أعلم لأن رسوله بعث عليا بسوره براءة في الحجة التي حجها أبو بكر قبل حجة الوداع فقرأها على الناس حتى ختمها وسورة المائدة نزلت بعد ذلك في حجة الوداع {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} الآية على ما روي أن اليهود قالوا: لو نزلت علينا هذه الآية: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} لاتخذنا ذلك اليوم عيدا فقال ابن عباس: أنها نزلت في عيدين اثنين يوم عرفة والجمعة وعن عمر أنها نزلت ليلة جمعة ونحن واقفون معه بعرفة.
وعن علي أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة وعن أبي بكر قال: تقرؤن هذه الآية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه يوشك أن يعمهم الله بعقاب". هذا خطاب فيه نقصان من بعض رواته لا من أبي بكر والأولى به

الصفحة 169