كتاب المعتصر من المختصر من مشكل الآثار (اسم الجزء: 2)

في زمان لا معنى فيه للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
عن أنس قيل: يا رسول الله متى نترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ قال: "إذا ظهر فيكم ما ظهر في بني إسرائيل" قيل: وما ذاك؟ قال: "إذا ظهر الإدهان في خياركم والفاحشة في شراركم ويحول الملك في صغاركم والفقه في أراذلكم".
وعن ابن مسعود وأبي موسى مرفوعا: أن بني إسرائيل كان أحدهم يرى من صاحبه الخطيئة فينهاه تعذيرا فإذا كان من الغد جالسه وواكله
فهو رسول الله وأما ما ذكر من نوط بعضهم ببعض فهم ولاة هذا الأمر الذي بعث الله عز وجل به نبيه- وفيما روى مرفوعا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه الرؤيا ويسأل عنها فقال ذات يوم: "أيكم رأى رؤيا" فقال رجل: أنا يا رسول الله رأيت كأن ميزانا دلي من السماء فوزنت فيه أنت وأبو بكر فرجحت بأبي بكر ثم وزن فيه أبو بكر وعمر فرجح أبو بكر بعمر ثم وزن فيه عمر وعثمان فرجح عمر بعثمان ثم رفع الميزان فاستاء لها رسول الله فقال: "خلافة نبوة ثم يؤتي الله الملك من يشاء".
في هذين الحديثين ما يدل على أن الخلافة في الثلاثة وليس فيه ما ينفى عن غيرهم بل روى مرفوعا الخلافة ثلاثون عاما ثم يكون الملك منها سنتان لأبي بكر وعشر سنين لعمر واثنتا عشرة سنة لعثمان وست سنين لعلي رضي الله عنهم فالحق أن مدة علي داخلة في خلافة النبوة وإنما لم يذكر في الحديثين لأن ما فيهما كان في أبي بكر وعمر وعثمان خاصة وكل واحد منهم قد خص بفضائل دون صاحبه وهم بأجمعهم أهل السوابق والفضائل وينتابون في فضائلهم كأنبياء الله الذين جمعتهم النبوة وبعضهم أفضل من بعض قال الله تعالى: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ} .

الصفحة 326