كتاب المعتصر من المختصر من مشكل الآثار (اسم الجزء: 2)
تسير ماذا بقي عليك من كتابتك يا نبهان قلت: ألفا درهم قالت: فهما عندك قلت: نعم قالت: ادفع ما بقي عليك إلى محمد بن المنكدر فإني قد أعنته بها في نكاحه وعليك السلام ثم ألقت الحجاب فبكيت وقلت: والله لا أعطيه أبدا قالت: إنك والله يا بني لن تراني أبدا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلينا إذا كان عند مكاتب أحداكن وفاء بما بقي من كتابته فأضربوا دونه الحجاب.
وذلك إن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم فإذا كان عنده وفاء بها فلا يحل أن يمسكها ليسقط عن نفسه الحقوق كالزكاة من ماله وصلاتها بغير قناع وسفرها بغير محرم وعدتها نصف عدة الحرة وما أشبه ذلك من نظره إلى سيدته لأنه يمنع الواجب ليبقى له ما يحرم عليه فهذا وجه قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان لأحداكن مكاتب وكان عنده ما يؤديه فلتحتجب منه".
في الوضع عن المكاتب وبيعه
روى عن عائشة قالت: جاءت بريرة فقالت: يا عائشة إني قد كاتبت أهلي على تسع أواق في كل عام أوقية فاعتقيني ولم تكن قضت من كتابتها شيئا فقالت لها عائشة: ارجعي إلى أهلك فإن أحبوا أن أعطيهم ذلك جميعا ويكون ولاؤك لي فعلت فذهبت إلى أهلها فعرضت ذلك عليهم فأبوا وقالوا: إن شاءت أن تحتسب عليك فلتفعل ويكون ولاؤك لنا فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "لا يمنعك ذلك منها ابتعاعي واعتقي فإنما الولاء لمن أعتق" وقام في الناس خطيبا الحديث.
في وقوف النبي صلى الله عليه وسلم على عدم قضاء بريرة من كتابتها شيئا وفي قول عائشة: فإن أحبوا أن أعطيهم ذلك جميعا وتركه صلى الله عليه وسلم الإنكار عليها دليل على عدم وجوب إسقاط بعض البدل عن المكاتب لأنه لو كان الوضع واجبا على المولى لبينه لعائشة وهو مذهب أبي حنيفة ومالك والثوري وزفروا وأبي يوسف ومحمد خلافا لمن سواهم منهم الشافعي استدلالا بقوله تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} .