كتاب القراءات وأثرها في علوم العربية (اسم الجزء: 2)

وهو قوله تعالى: فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً يقتضي الغيبة، ولكنه التفت الى الخطاب لنكتة بلاغية والمخاطب هو «الولي» على معنى:
لا تقتل آيها الولي غير قاتل وليك.
«تخفون، تعلنون» من قوله تعالى: وَيَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَما تُعْلِنُونَ (¬1) قرأ «حفص، والكسائي» «تخفون» بتاء الخطاب فيهما (¬2) وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب، حيث ان الآية المتقدمة وهي قوله تعالى: وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ (¬3) تقتضي الغيبة ليصير آخر الكلام كأوله ولكنه التفت الى الخطاب لنكتة بلاغية، وهي اعلام المخاطبين بأن الله تعالى لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، وبناء عليه يجب على كل انسان أن يخشى الله ويتقيه.
«يدعون» من قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ (¬4).
قرأ «نافع، وابن كثير، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وأبو جعفر، وخلف العاشر» «تدعون» بتاء الخطاب (¬5).
وذلك على الالتفات من الغيبة الى الخطاب حيث أن سياق الآية المتقدمة وهي قوله تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ (¬6).
يقتضي الغيبة، ولكنه التفت الى الخطاب لنكتة بلاغية، لأن المخاطبين المشركون وحسن ذلك: لأن في الكلام معنى التهديد، والوعيد، والتوبيخ لهم، وذلك أبلغ في الوعظ، والزجر.
¬_________
(¬1) سورة النمل آية 25.
(¬2) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 227.
والمهذب في القراءات العشر ح 2 ص 100.
(¬3) سورة النمل آية 24.
(¬4) سورة العنكبوت آية 42.
(¬5) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 239.
والكشف عن وجوه القراءات ح 2 ص 179.
(¬6) سورة العنكبوت آية 41.

الصفحة 102