كتاب القراءات وأثرها في علوم العربية (اسم الجزء: 2)

على الالتفات من الغيبة الى الخطاب، حيث ان السياق من قبل في قوله تعالى: نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ (¬1).
يقتضي الغيبة فيقال: «وما يشاءون» ولكن التفت الى الخطاب لارادة الحاضرين.
«تؤثرون» من قوله تعالى: بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا (¬2).
قرأ القراء العشرة عدا «أبي عمرو» «تؤثرون» بتاء الخطاب (¬3) على الالتفات من الغيبة الى الخطاب حيث ان السياق من قبل في قوله تعالى: وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (¬4) والأشقى
اسم جنس يصدق على القليل والكثير.
يقتضي الغيبة فيقال: «يؤثرون» ولكن التفت الى الخطاب، لأنه خاص بالذين جبلوا على حب الدنيا.

القضية الثانية:
«الالتفات من الخطاب الى الغيبة» لقد تتبعت القراءات التي ورد فيها الالتفات من «الخطاب الى الغيبة» فوجدتها فيما يلي:
«تعملون» من قوله تعالى: وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (¬5).
قرأ «ابن كثير» «يعملون» بياء الغيبة (¬6) على الالتفات من الخطاب الى الغيبة، اذا ان سياق الآية:
وهو قوله تعالى: ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ.
يقتضي الخطاب فيقال: «تعملون» ولكن التفت الى الغيبة، إعراضا عن خطاب هؤلاء الذين قست قلوبهم، وتحقيرا لشأنهم، واشعارا بأنهم في حالة من البعد عن أهلية خطاب الله تعالى لهم.
«يدعون» من قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً (¬7).
قرأ «عاصم، ويعقوب» «يدعون» بياء الغيبة (¬8).
¬_________
(¬1) سورة الانسان آية 28.
(¬2) سورة الاعلى آية 16.
(¬3) انظر: النشر في القراءات العشر ح 2 ص 362.
(¬4) سورة الأعلى آية 11
(¬5) سورة البقرة آية 74.
(¬6) انظر: النشر في القراءات العشر ح 2 ص 408.
(¬7) سورة النحل آية 20.
(¬8) انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 142.

الصفحة 109