كتاب القراءات وأثرها في علوم العربية (اسم الجزء: 2)
القضية الثانية:
الالتفات من التكلم الى الغيبة.
لقد تتبعت القراءات واقتبست منها الأساليب البلاغية التي ترجع الى الالتفات من التكلم الى الغيبة، وهي فيما يلي:
«يقول» من قوله تعالى: وَيَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ (¬1).
قرأ القراء العشرة عدا «حمزة» «يقول» بياء الغيبة (¬2).
على الالتفات من التكلم الى الغيبة، لأن السياق من قبل في قوله تعالى: وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ (¬3). يقتضي التكلم فيقال: «نقول» ولكن التفت الى الغيبة، إعراضا عن أولياء ابليس، وتحقيرا لشأنهم، اذ ليسوا أملا لكلام اللَّه تعالى لهم.
«فيوفيهم» من قوله تعالى: وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ (¬4).
قرأ «حفص، ورويس» «فيوفيهم» بياء الغيبة (¬5).
على الالتفات من التكلم الى الغيبة، لأن السياق من قبل في قوله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً (¬6).
يقتضي التكلم فيقال: «فنوفيهم» لأن الهمزة في الإخبار كالنون
في الإخبار، ولكن التفت الى الغيبة، تشويقا لما يترقبه الذين آمنوا وعملوا الصالحات من معرفة الأجر العظيم الذي أعده الله لهم.
¬_________
(¬1) سورة الكهف آية 52.
(¬2) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 163.
(¬3) سورة الكهف آية 50.
(¬4) سورة آل عمران آية 57.
(¬5) انظر: النشر في القراءات العشر ج 3 ص 8.
(¬6) سورة آل عمران آية 56.