كتاب القراءات وأثرها في علوم العربية (اسم الجزء: 2)

والاعتداء: مجاوزة الحق، ومنه قوله تعالى: وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا (¬1).
وقوله تعالى: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوها (¬2).
وقرأ «أبو جعفر، وقالون» في أحد وجهيه «تعدوا» باسكان العين، وتشديد الدال، وذلك لأن أصلها «تعتدوا» فأدغمت التاء في الدال، لوجود التجانس بينهما.
والوجه الثاني «لقالون» هو اختلاس فتحة العين مع تشديد الدال.
وقرأ الباقون «تعدوا» باسكان العين، وضم الدال مخففة، على أنه مضارع «عدا يعدو عدوا وعدوانا» (¬3).
ومنه قوله تعالى: إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ (¬4).
قال «الراغب الاصفهاني» في مادة «عدا»:
«العدو: التجاوز، ومنافاة الالتئام، فتارة يعتبر بالقلب فيقال له العداوة، والمعاداة، وتارة بالمشي فيقال له: العدو، وتارة في الاخلال بالعدالة في المعاملة فيقال له: العدوان، والعدو، قال تعالى: فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ [الأنعام 108] (¬5).
«وأرجلكم» من قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ (¬6).
فقرأ «نافع، وابن عامر، وحفص، والكسائي، ويعقوب» «وأرجلكم» بنصب اللام، وذلك عطفا على الأيدي، والوجوه، وعليه يكون المعنى:
¬_________
(¬1) سورة البقرة آية 231.
(¬2) سورة البقرة آية 229.
(¬3) قال ابن الجزري: تعدوا فحرك جد وقالون اختلس بخلف واشددن له ثم أنس.
(¬4) سورة الأعراف آية 163.
انظر: النشر في القراءات العشر ح 3 ص 38. والكشف عن وجوه القراءات ح 1 ص 401. والمهذب في القراءات العشر ح 1 ص 175.
(¬5) انظر: المفردات في غريب القرآن ص 326.
(¬6) سورة المائدة رقم 6.

الصفحة 220