كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى - وحاشية الشمني (اسم الجزء: 2)

كَان عقله فِي فطرته سليمًا إلَّا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان وبهذا أفتى الأندلسيون عَلَى ابن حَاتِم فِي نَفْيه الزُّهْد عَن رسول الله صلى الله تَعَالَى عليه وآله وسلم الَّذِي قَدّمْنَاه وَقَال مُحَمَّد بن سُحْنُون فِي المَأمُور يَسُبّ النَّبِيّ صلى الله تعالى عَلَيْه وَسَلَّم فِي أيْدِي العَدُوّ يُقْتَل إلَّا أن يُعْلَم تَبَصُّرُه أَو إكْرَاهُه وَعَن أَبِي محمد ابن أَبِي زيد لَا يُعْذَر بدَعْوَى زَلَل اللسان فِي مِثْل هَذَا وَأفْتى أبو الحسن القابسي فِيمَن شَتَم النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم فِي سُكْره يُقْتَل لِأَنَّه يُظَنّ بِه أنَّه يَعْتَقِد هَذَا ويَفْعَلُه فِي صَحْوِه وَأيْضًا فَإنَّه حَد لَا يُسْقِطُه السُّكْر كَالْقَذْف وَالْقَتْل وَسَائِر الحُدُود لِأَنَّه أدْخَلَه عَلَى نَفْسِه لِأَنّ من شَرِب الخَمْر عَلَى عِلْم من زَوَال عَقْلِه بِهَا وَإتْيَان مَا يُنْكَر مِنْه فَهُو كَالْعَامِد لَمّا يَكُون بِسَبَبِه وَعَلَى هذا ألْزَمْنَاه الطّلَاق وَالْعِتَاق وَالْقِصَاص وَالحُدُود وَلَا يُعْتَرَض عَلَى هَذَا بِحَدِيث حَمْزَة وَقَوْلُه للنَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم وهل أنْتُم إلا عبيد لأبى قَال فَعَرَف النَّبِيّ صَلَّى
اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم أنَّه ثمل فَانْصَرَف لِأَنّ الخَمْر كَانَت حِينَئِذ غَيْر مُحَرّمة فَلَم يَكُن فِي جِنَايَاتَها إثْم وَكَان حُكْم مَا يَحْدُث عَنْهَا مَعْفُوا عَنْه كَمَا يَحْدُث مِن النّوْم وَشُرْب الدّوَاء الْمَأْمُون
فصل الْوَجْه الثالث أَنّ يقصد إِلَى تَكْذيبه فِيمَا قاله أَو أتى بِه أَو وُجُودَه أَو يَكْفُر أَو يَنْفِي نُبُوّتَه أو رسالته بِه انْتَقَل بِقَوْلِه ذَلِك إلى دِين آخر غير
__________
ثمل بفتح المثلثة وكسر الميم: أي سكران، يقال ثمل الرجل بالكسر، ثملا: إذا أخذ فيه الشراب.
(*)

الصفحة 232