كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى - وحاشية الشمني (اسم الجزء: 2)

فِي الْمُصْحَف بِأَيْدِي الْمُسْلِمِين مِمَّا جَمَعَه الدَّفَّتَان من أَوَّل (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالمين - إِلَى آخِر - قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) إِنَّه كَلَام اللَّه وَوَحْيُه المُنَزَّل عَلَى نَبِيّه مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم وَأَنّ جَمِيع مَا فِيه حَقّ وَأَنّ من نَقَص مِنْه حَرْفًا قَاصِدًا لِذَلِك أَو بَدَّلَه بِحَرْف آخَر مَكَانَه أَو زَاد فِيه حَرْفًا مِمَّا لَم يَشْتَمِل عَلَيْه المُصْحَف الَّذِي وَقَع الإِجْمَاع عَلَيْه وأُجْمِع عَلَى أَنَّه لَيْس مِن الْقُرْآن عَامِدًا لِكُلّ هَذَا أَنَّه كَافِر وَلِهَذَا رَأَى مَالِك قَتْل من سَبّ عَائِشَة رَضِي اللَّه عَنْهَا بِالْفِرْيَة لأَنَّه خَالَف الْقُرْآن وَمَن خَالَف الْقُرْآن قُتِل أَي لأَنَّه كَذَّب بِمَا فِيه، وَقَال ابن الْقَاسِم من قَال إِنّ اللَّه تَعَالَى لَم يُكَلِّم مُوسَى تَكْلِيمًا يُقْتَل وَقَالَه عَبْد الرَّحْمَن بن مَهْدِيّ وَقَال مُحَمَّد بن سُحْنُون فِيمَن قَال الْمُعَوَّذَتَان لَيْسَتَا من كِتَاب اللَّه يُضْرَب عُنُقُه إِلَّا أَن يَتُوب وَكَذَلِك كُلّ من كَذَّب بِحَرْف مِنْه قَال وَكَذَلِك إِن شَهِد شَاهِد عَلَى من قَال إِنّ اللَّه لَم يُكَلِّم مُوسَى تَكْلِيمًا وشَهِد آخَر عَلَيْه أَنَّه قَال إِنّ اللَّه لَم يَتَّخِذ إِبْرَاهِيم خَلِيلًا لأَنَّهُمَا اجْتَمَعَا عَلَى أَنَّه كَذَّب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم وَقَال أَبُو عُثْمَان الْحَدَّاد جَمِيع من يَنْتَحِل التَّوْحِيد مُتَّفِقُون أَنّ الْجَحْد لِحَرْف مِن التَّنْزِيل كُفْر وَكَان أَبُو الْعَالِيَة إِذَا قَرَأ عِنْدَه رَجُل لَم يَقُل لَه لَيْس كَمَا قَرَأْت وَيَقُول أَمَّا
__________
(قوله المعوذتان) قال النووي أجمع المسلمون على أن المعوذتين والفاتحة وسائر السور المكتوبة في المصحف قرآن وأن من جحد شيئا منها كفر وما نقل عن ابن مسعود في الفاتحة والمعوذتين باطل ليس بصحيح عنه، قال ابن حزم في أول كتاب المجلى هذا كذب على ابن مسعود موضوع وإنما صح عنه قراءة عاصم عن زيد بن حنيس عن عبد الله بن مسعود وفيها الفاتحة والمعوذتان انتهى (*)

الصفحة 305