كتاب المنثور في القواعد الفقهية (اسم الجزء: 2)

قُلْت: وَالْأَوَّلُ يُسَمَّى الْمُرَكَّبُ وَالثَّانِي الْبَسِيطُ، وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ قَيْدٍ وَهُوَ عَدَمُ الْعِلْمِ (عَمَّا) شَأْنُهُ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا، لَا عَدَمُ الْعِلْمِ مُطْلَقًا، وَإِلَّا لَوُصِفَتْ الْجَمَادَاتُ بِكَوْنِهَا جَاهِلَةً.

(الثَّانِي) : الْجَهْلُ بِالصِّفَةِ هَلْ هُوَ جَهْلٌ بِالْمَوْصُوفِ مُطْلَقًا أَوْ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ؟ الْمُرَجَّحُ الثَّانِي، (لِأَنَّهُ) جَاهِلٌ بِالذَّاتِ مِنْ حَيْثُ صِفَاتِهَا، لَا مُطْلَقًا. وَمِنْ ثَمَّ لَا نُكَفِّرُ (أَحَدًا) مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُ (الْإِمَامِ) الشَّافِعِيِّ (- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) فِيمَا، إذَا نَكَحَ وَشَرَطَ فِيهَا الْإِسْلَامَ، أَوْ فِي أَحَدِهِمَا النَّسَبَ أَوْ الْحُرِّيَّةَ، فَاخْتُلِفَ هَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ؟ وَالْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ، وَهُوَ الْجَدِيدُ مَأْخَذُهُ، أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مُعَيَّنٌ، لَا يَتَبَدَّلُ بِالْخُلْفِ فِي الصِّفَةِ وَالْقَوْلُ بِالْفَسَادِ مَأْخَذُهُ أَنَّ اخْتِلَافَ الصِّفَةِ، كَاخْتِلَافِ (الْعَيْنِ) .
وَاعْلَمْ أَنَّ ابْنَ الرِّفْعَةِ، أَخَذَ مِنْ هَذَا الْخِلَافِ خِلَافًا فِي تَكْفِيرِ مُنْكِرِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، (وَقَضِيَّتُهُ) تَرْجِيحُ عَدَمِ التَّكْفِيرِ، قَالَ، لَكِنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْبَيْعِ، إذَا قَالَ بِعْتُك هَذَا الْفَرَسَ، (وَكَانَ) بَغْلًا، لَا يَصِحُّ فِي الْأَصَحِّ.

الثَّالِثُ: الْجَهْلُ بِمَعْنَى اللَّفْظِ مُسْقِطٌ لِحُكْمِهِ.
فَإِذَا نَطَقَ الْأَعْجَمِيُّ بِكَلِمَةِ (كُفْرٍ) ، أَوْ إيمَانٍ، أَوْ طَلَاقٍ، أَوْ إعْتَاقٍ، أَوْ بَيْعٍ، أَوْ شِرَاءٍ، أَوْ نَحْوِهِ، وَلَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ، لَا يُؤَاخَذُ بِشَيْءٍ مِنْهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ مُقْتَضَاهُ، (وَكَذَلِكَ) ، إذَا نَطَقَ الْعَرَبِيُّ بِمَا يَدُلُّ عَلَى هَذِهِ (الْعِبَارَةِ)

الصفحة 13