كتاب المنثور في القواعد الفقهية (اسم الجزء: 2)

بِشَرْطِ) أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ مِثْلُهُ، وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي الشُّفْعَةِ. وَمِنْهَا لَوْ (عَتَقَتْ) الْأَمَةُ تَحْتَ الْعَبْدِ وَقَالَتْ جَهِلْت الْخِيَارَ عُذِرَتْ فِي الْأَظْهَرِ.
وَمِنْهَا، لَوْ قَالَ عَلِمْت تَحْرِيمَ الْجِمَاعِ وَجَهِلْت وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ وَجَبَتْ بِلَا خِلَافٍ ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَهُوَ رَاجِحٌ.
وَمِنْهَا لَوْ أَكَلَ الصَّائِمُ جَاهِلًا بِالتَّحْرِيمِ، وَكَانَ يَجْهَلُ مِثْلَ ذَلِكَ لَمْ يُفْطِرْ، وَإِلَّا أَفْطَرَ، وَقَدْ اسْتَشْكَلَ (تَصْوِيرُ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، لِأَنَّ حَقِيقَةَ الصَّوْمِ هُوَ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ، فَمَتَى لَمْ يَعْرِفْ الصَّائِمُ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ، وَحِينَئِذٍ فَكَيْفَ يَتَعَمَّدُ الْفِطْرَ مَعَ الْجَهْلِ بِتَحْرِيمِ الْإِفْطَارِ. وَيُمْكِنُ (تَصْوِيرُهَا) بِمَا إذَا أَكَلَ نَاسِيًا وَقُلْنَا لَا يُفْطِرُ فَظَنَّ أَنَّهُ أَفْطَرَ بِهَذَا الظَّنِّ مُتَعَمِّدًا جَاهِلًا بِالتَّحْرِيمِ.
وَمِنْهَا لَوْ سَبَقَ الْإِمَامُ بِرُكْنَيْنِ عَمْدًا مَعَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، (فَإِنْ) كَانَ جَاهِلًا لَمْ تَبْطُلْ، لَكِنْ لَا يُعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ، فَيَتَدَارَكُهَا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ. تَنْبِيهَانِ
(الْأَوَّلُ) : هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِحُقُوقِ اللَّهِ (تَعَالَى) ، بَلْ يَجْرِي فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ، فَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ، لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ رَجُلًا وَادَّعَى الْجَهْلَ بِتَحْرِيمِ الْقَتْلِ وَكَانَ مِثْلُهُ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي إسْقَاطِ الْقِصَاصِ وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةً، وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ قَوِيٌّ.
(الثَّانِي) : إعْذَارُ الْجَاهِلِ مِنْ بَابِ التَّخْفِيفِ، لَا مِنْ حَيْثُ جَهْلُهُ.

الصفحة 16