كتاب المنثور في القواعد الفقهية (اسم الجزء: 2)

تَوَقَّفَ عَلَى وُجُودِ شَيْءٍ نُظِرَ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ فَإِنْ كَانَ تَعَاطِيهِ فِي نَفْسِهِ حَرَامًا امْتَنَعَ مَعَهُ فِعْلُ الرُّخْصَةِ، وَإِلَّا فَلَا.
مِثَالُ الْأَوَّلِ: السَّفَرُ الْمَوْصُوفُ بِالْمَعْصِيَةِ، كَإِبَاقِ الْعَبْدِ مِنْ سَيِّدِهِ، " وَالْأَجِيرِ " عَيْنِهِ مِنْ " مُسْتَأْجِرِهِ "، وَالْمَرْأَةِ مِنْ زَوْجِهَا، لَمَّا كَانَتْ رُخْصَةُ " الْقَصْرِ " وَالْفِطْرِ مُتَوَقِّفَةً عَلَى وُجُودِ السَّفَرِ، اُشْتُرِطَ " فِي " إبَاحَةِ فِعْلِهَا أَنْ لَا يَكُونَ السَّفَرُ فِي نَفْسِهِ مَعْصِيَةً، وَكَذَلِكَ الِاسْتِنْجَاءُ " بِغَيْرِ الْمَاءِ " رُخْصَةٌ، " وَلَمَّا " تُوُقِّفَ عَلَى اسْتِعْمَالِ جَامِدٍ اُشْتُرِطَ فِي الْجَامِدِ كَوْنُ اسْتِعْمَالِهِ مُبَاحًا فَيَمْتَنِعُ " بِمَا " اسْتِعْمَالُهُ مَعْصِيَةٌ.
وَمِثَالُ الثَّانِي: مَا إذَا غَصَبَ الْمُسَافِرُ فِي " سَفَرٍ مُبَاحٍ " " ثَوْبًا وَصَلَّى فِيهِ، فَإِنَّهُ " لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ عَدَمُ التَّرْخِيصِ "، لَمَّا كَانَ قَصْرُ الصَّلَاةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى هَذَا الثَّوْبِ وَالْمَعْصِيَةُ لَا تَخْتَصُّ بِالصَّلَاةِ.

الرَّابِعُ: تَعَاطِي " سَبَبِ " التَّرَخُّصِ لِقَصْدِ التَّرَخُّصِ، لَا يُبِيحُ، كَمَا إذَا سَلَكَ الطَّرِيقَ الْأَبْعَدَ لِغَرَضِ الْقَصْرِ لَمْ يَقْصُرْ فِي الْأَصَحِّ
، وَكَمَا لَوْ سَلَكَ الطَّرِيقَ الْقَصِيرَ، وَمَشَى يَمِينًا وَشِمَالًا حَتَّى بَلَغَتْ الْمَرْحَلَةُ مَرْحَلَتَيْنِ.
وَقَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ لِقَصْدِ صَلَاةِ التَّحِيَّةِ لَا يَصِحُّ.

الصفحة 170