كتاب المنثور في القواعد الفقهية (اسم الجزء: 2)

ضَمِنَا) إذْ لَا تَدَارُكَ بِالتَّصَادُقِ وَالِاتِّفَاقِ، وَكُلُّ مَنْ حَالَ بَيْنَ رَجُلٍ وَبُضْعِهِ غَرِمَ مَهْرَ الْمِثْلِ، كَالرِّضَاعِ وَالشُّهُودِ الرَّاجِعِينَ، إلَّا فِي الْهُدْنَةِ فَإِنَّا لَا نَرُدُّ (الْمُسْلِمَةَ) وَنُغَرِّمُ الْمُسَمَّى.
وَاعْلَمْ أَنَّ (الْإِمَامَ) الشَّافِعِيَّ (- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) نَصَّ (عَلَى) أَنَّ مَنْ أَفْسَدَ عَلَى الزَّوْجِ النِّكَاحَ بِالرَّضَاعِ، يَلْزَمُهُ نِصْفُ (مَهْرِ) (مِثْلِهَا) ، وَنَصَّ فِي شُهُودِ الطَّلَاقِ، إذَا رَجَعُوا عَنْ الشَّهَادَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِلُزُومِ (غُرْمِ) جَمِيعِ الْمَهْرِ فَقِيلَ قَوْلَانِ (بِنَاءً) أَوْ تَخْرِيجًا.
وَحَاصِلُ الْخِلَافِ أَنَّ الشُّهُودَ وَالْمُرْضِعَةَ، هَلْ تَغْرَمُ قَدْرَ مَا غَرِمَ الزَّوْجُ أَوْ قِيمَةَ مَا فَاتَ؟ فِيهِ قَوْلَانِ، وَالصَّحِيحُ تَقْرِيرُ النَّصَّيْنِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ شُهُودَ الطَّلَاقِ حَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ وَلَمْ يَقْطَعُوا بِنِكَاحِهِ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونُوا كَاذِبِينَ فِي الرُّجُوعِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ الَّتِي أَفْسَدَتْ نِكَاحَ الرَّجُلِ بِالرِّضَاعِ، فَقَدْ قَطَعَتْ الْعِصْمَةَ وَقَطْعُ الْعِصْمَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ يُوجِبُ نِصْفَ الْمَهْرِ، بِخِلَافِ الْحَيْلُولَةِ فِي الشَّهَادَةِ، وَكُلُّ مَنْ حَالَ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَبَيْنَ مِلْكِهِ لَزِمَهُ قِيمَةُ مَا حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، وَقَدْ يَخْطُرُ بِالْبَالِ أَنَّ الْفَرْقَ عَلَى الْعَكْسِ أَوْلَى، فَإِنَّ قَطْعَ النِّكَاحِ أَقْوَى مِنْ الْحَيْلُولَةِ، فَإِذَا وَجَبَ فِي الْحَيْلُولَةِ جَمِيعُ الْمَهْرِ، (فَلَأَنْ) يَجِبَ فِي قَطْعِ النِّكَاحِ بِالرَّضَاعِ أَوْلَى، لَكِنْ يُجَابُ عَنْهُ، بِأَنَّ قَطْعَ النِّكَاحِ قَدْ ثَبَتَ لَهُ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ الْحُكْمُ بِنِصْفِ الْمَهْرِ فِي الْغُرْمِ قَبْلَ الدُّخُولِ،

الصفحة 90