كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)
100…نعم، قال: شأنكما الآن، إن شئتما فارحلا وإن شئتما فأقيما ". [الطبقات 244/ 1] (1).
(ب) وليس في أخبار عمر، ـ على ما أعلم ـ ما يدل على انحرافه عن الشعر وسماعه أو نهيه عن قول الشعر وروايته .. ولكنَّ جلَّ الأخبار التي وصلتنا أنه كان يسمع الشعر، ويتمثل به، ويحكم بين الشعراء، ويدعو إلى روايته، وكلُّ ما نُقل عنه أنه كان ينهى عن الهجاء، ويعاقب عليه، كما نهى عن الشعر الذي يصرّح بشرب الخمر، والغزل الصريح.
أما وصيته، بتعلّم الشعر، أو روايته، فقد نقلها ابن رشيق في " العمدة " ص 21 ولو أعلم سندها، حيث قال: وكتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري " مُرُ مَنْ قبلك بتعلّم الشّعْر، فإنه يدل على معالي الأخلاق، وصواب الرأي، ومعرفة الأنساب ".
…
__________
(1) رواه ابن سلام عن ابن جُعُدبة، يزيد بن عياض الليثي المدني، نزل البصرة ومات في خلافة المهدي بالبصرة .. والخبر ضعيف السند، لأن ابن جعدبة لم يدرك عمر، ولم يذكر له سنداً، ومع ذلك فإن ابن جُعْدبة، لم يوثقه أحدٌ في الرواية، فمنهم مَنْ قال: إنه كذاب، ومنهم مَنْ قال: إنه متروك .. (التهذيب) وروى الخبر أبو الفرج في [الأغاني 140/ 4]، من ترجمة حسان، بسند مضطرب فيه مجهولون وضعاف، وجاء في أوله " نهى عمر بن الخطاب الناس أن ينشدوا شيئاً من مناقضة الأنصار ومشركي قريش. وقال: في ذلك شتم الحيّ بالميت، وتجديد الضغائن، وقد هدم اللَّهُ أمر الجاهلية بما جاء من الإسلام ".
.. وذكر القصة .. وفي زيادة أُخرى وهي قوله: " وعمرُ في جماعة من أصحاب رسول الله " أي حين أنشد حسان الرجلين ـ فقال عمر لحسان: أنشداك في الخلاء وأنشدتهما في الملا .. وقال لمن حضره: إني كنتُ نهيتكم أن تذكروا مما كان بين المسلمين والمشركين شيئاً دفعاً للتضاغن عنكم وبث القبيح فيما بينكم فأما إذا أَبَوَاْ، فاكتبوه واحتفظوا به، فدوّنوا ذلك عندهم وزعم أن خلاّد بن محمد ـ مجهول ـ قال: فأدركته والله وإنَّ الأنصار لتجدده عندها إذا خافت بلاه .. أقول: وفي سياق الخبر ما يخالف سياسة عمر وفقهه، والله أعلم.