كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)

104…
.. قال الجاحظ: وقد زعم ناس من العلماء، أنه لم يستفزَّه سَبْقُ فرسه، ولكنه أراد إظهار حبّ الخيل، وتعظيم شأنها.
وروى الجاحظ أيضاً قال: سمعَ عمر بن الخطاب رجلاً ينشد (بيت الحطيئة)
متى تأته تعشو إلى ضوءِ ناره تجد خير نارٍ عندها خيرُ مُوقِدِ
فقال عمر: ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والبيت قاله الخطيئة في مدح بغيض بن عامر، وهو من شواهد ابن عقيل على الألفية.
وروى المبرد في التعازي والمرائي قال: " عمر لمتمم بن نُويرة: لوددتُ أنك رثيت أخي ـ زيد بن الخطاب ـ بما رثيت به أخاك، فقال له: يا أبا حفص، لو علمتُ أنَّ أخي صار حيث صار أخوك، ما رثيتُه! يقول: إنَّ أخاك قُتل شهيداً.
وفي رواية أخرى: أن متمم بن نويرة رثى زيد بن الخطاب، فلم يُجدْ، فقال عمر: لم أرك رثيتَ زيداً كما رثيت أخاك مالكاً، فقال: إنه والله يحركني لمالك، ما لا يحركني لزيد ".
وكان زيد بن الخطاب استشهد في حرب الردة، وقُتل مالك بن نويرة في حرب الردّة، عندما ارتدّ قومه عن اُسلام.
وروى الجاحظ في [البيان والتبيين 195/ 2]؛ قال: وأنشد رجلٌ عُمَرَ بن الخطاب قول طرفة:
فلولا ثلاثٌ هُنَّ من عيشة الفتى وجَدِّك لم أَحْفِل متى قام عُوَّدي
فقال عمر: " لولا أن أسير في سبيل اللَّهِ، وأضع جبهتي لله، وأُجالسَ أقواماً ينتقون أطايب الحديث، كما ينتقون أطايب التمر لم أُبالِ أن أكونَ قد مِتُّ " [وانظر: عيون الأخبار 308/ 1].

الصفحة 104