كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 2)
108…
وقصةُ أُميًّة بن حُرثان بن الأسكر، رواها عددٌ من أعلام الرواية، وأثبتها ابن حجر في قصته من " الإصابة " .. أنقُلها من " معجم البلدان " لياقوت الحموي مادة " بُساق " وأشير إلى روايات أُخرى فيها، واختلاف الرواية في صفة نقلها، مع اتفاقهم على وقوع القصة (1).
قال ياقوت: " وكان لأميّة بن حُرثان ابن اسمه كِلاب، اكتتب نفسه في الجند الغازي مع أبي موسى الأشعري (2) في خلافة عُمَر، فاشتاقه أبوه، وكان قد أضرَّ، فأخذ بيد قائده، ودخل على عمر وهو في المسجد، فأنشده:
أعاذلَ قد عَذَلْت ِبغير علمٍ ولا تدرين عاذِلَ ما أُلاقي (3)
فإمّا كنتِ عاذلتي فردّي كلاباً إذْ توجّه للعراق (4)
فتى الفتيانِ في عُسْرٍ ويُسْرٍ شديدُ الرُكنِ في يوم التلاقي
فلا وأبيك ما باليتَ وجدي ولا شغفي عليك ولا اشتياقي
وإيقادي عليك إذا شتونا وضمُّك تحت نحري واعتناقي
فلو فَلَقَ الفؤادَ شديدُ وجْدٍ لَهَمَّ سوادُ قلبي بانفلاق
سأستأدي على الفاروق ربًّا له عَمَدَ الحجيجُ إلى بُساق (5)
إن الفاروقُ لم يَرْدُدْ كِلاباً إلى شيخين هامُهما زواقي (6) …
__________
(1) مصادر القصة:" الإصابة " ترجمة أمية، وكلاب، وأُبي، ابني أمية. [وطبقات الشعراء لابن سلام 190/ 1]، و [معجم البلدان] لياقوت مادة "بُساق" و [الأغاني 10/ 21] و [الأمالي 108/ 3].
(2) في "الإصابة" الجند الغازي مع سعد بن أبي وقاص.
(3) أعاذل: الهمزة للنداء، وعاذل: منادى مرخّم، وأصلها: العاذلة، أي: اللائمة.
(4) فإمّا: أداة شرط.
وجملة "فردي" جواب الشرط.
(5) استأدى: أي: استعان به، فأعانه. وبُساق، وفي رواية: بُصاق: موضع قريب من مكة.
(6) زواقي: يُقال: زقت هامتُه، أي: دنت منيته وهلاكه. يقول: قد دنا أجلها. وأهل الجاهلية كانوا يزعمون أن أرواح الموتى تصير هاماً، وهو طائر يكون عند المقابر يزقو، أي: يصيح. وقد أكذبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " لا عدوى، ولا هامة، ولا صفر ".